بقلم: اندرو هاموند وإيزابيل كولز ترجمة/ أخبار اليوم
بعد تعرضه لحروق وجروح واضطراره للخروج إلى الرياض لتلقي العلاج، ظهر علي عبد الله صالح مشردا، لكن خطابه البارع يوحي بأنها قد يعود إلى بلاد تعصف به أشهر من الاضطرابات والعنف والبؤس الاقتصادي.
ظاهرا بحالة صحية أفضل من الشخص الهزيل والمشوه الذي ظهر في خطاب متلفز قبل خمسة أسابيع، تعهد صالح في خطابه يوم الثلاثاء بالعودة إلى بلاده، ملمحا إلى انه سوف يتعقب من يقفون وراء محاولة اغتياله التي وقعت في يونيو الماضي.
في لمحة مثيرة، اختتم خطابه بالقول "أراكم قريبا في صنعاء"، خالقا البهجة لعدة آلاف من المؤيدين الذين تجمعوا لمشاهدة التلفزيون في العاصمة اليمنية.
يقول المحلل السياسي عبد الغني الارياني: "لقد كانت مفاجأة لنا جميعا. ضعف صالح في المراحل الأولى من الثورة كان مبالغ فيه وكنا جميعا على خطأ في رؤية أنه يفقد قبضته. أعتقد أن الموقف الجديد للرئيس سيكون (سأقوم بنقل السلطة في الوقت الذي يغادر فيه البلاد الجناة في محاولة الاغتيال)".
وزير خارجية صالح قال لرويترز الشهر الماضي إن الحكومة أرادت نقل السلطة من خلال انتخابات جديدة لكن الجدول الزمني لاستقالة الرئيس لم يكن واقعيا.
عناد الزعيم المحارب القديم أثارت استياء كثير من اليمنيين الذين كانوا يأملون بأنه قد صنع خيرا عند ذهابه إلى السعودية للعلاج بعد انفجار قنبلة في مسجد بقصره.
الدولة الفقيرة لـ23 مليون نسمة والواقعة في طرف شبه الجزيرة العربية هي في حالة اضطراب منذ يناير الماضي عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع مطالبين صالح بترك منصبه.
هو يحكم منذ عام 1978 واشرف على توحيد شمال وجنوب اليمن في عام 1990 وغرس العديد من أقاربه في المناصب العليا خصوصا في الجيش وقوات الأمن. قد يكون صالح ضعيفا، لكنه لا يزال لاعبا قويا.
فشل المعارضة
يقول غريغوري جونسن باحث في شؤون اليمن: "لن يكون قادرا على الاستمرار في الحكم كما كان في الماضي لكن لا يزال لديه قاعدة كبيرة من السلطة سيعود بها إلى البلاد. وإذا كان غير قادرا على حكم البلاد بشكل كامل فإنه بالتأكيد قادرا على منع أي شخص آخر من الحكم".
أحزاب المعارضة المتباينة والناشطون الشباب إضافة إلى القوى القبلية التي اشتبكت مع الوحدات الموالية من الجيش قبل مغادرة صالح البلاد، فشلت في الاستفادة من غيابه.
المبادرة الخليجية المدعومة من الحلفاء السابقين لصالح، السعودية والولايات المتحدة، دعت إلى تسليم السلطة إلى نائبه بينما تشكل المعارضة حكومة جديدة في الفترة الانتقالية.
لكن صالح نكث بالمبادرة ثلاث مرات. الآن يبدو انه يميل إلى ملاعبة المبادرة مرة أخرى. حزبه الحاكم ذكر هذا الأسبوع أن رجل الأعمال والزعيم القبلي حميد الأحمر هو المشتبه به الرئيسي في محاولة قتل صالح.
تقول غلا رياني باحثة سياسية في لندن: "لم تنجح المعارضة حقا في خلق البيئة التي تمنع صالح من العودة. الوضع على أرض الواقع أظهر أن صالح قد اثبت غالبا وجهة نظره بأنهم من دونه لا يستطيعوا الاتفاق على أي هياكل بديلة للحكم وأن البلاد ستنزل في الفوضى".
مصادر مقربة من صالح في الرياض تقول إن صالح لم يوضح نواياه. وتتقول المصادر بأن أفراد أسرة صالح الكبيرة، منهم نجله أحمد الذي يقود الحرس الجمهوري، يضغطون عليه للعودة والتمسك بالسلطة لحماية مصالحهم الخاصة.
يقول خالد الدخيل برفسور سعودي في العلوم السياسية، يبدو أن صالح يأمل بالاحتفاظ بالسلطة حتى نهاية فترة ولايته في عام 2013 وتجنب الخروج المهين لرؤساء عرب آخرين مثل حسني مبارك في مصر الذي هو رهن الاعتقال في القاهرة وزين العابدين بن علي من تونس الموجود في المنفى بالسعودية.
وقال الدخيل: "هدفه في هذه المرحلة ليس الاستمرار كرئيس لمدة عشر أو عشرين سنة، هو يريد أن ينهي ولايته في عام 2013. إذا لم يكن ذلك ممكنا، فإنه يريد نوعا من الضمانات حول مستقبله ومستقبل أبنائه ورفاقه".
المبادرة الخليجية عرضت تلك الضمانات، لكن صالح ربما وضع المزيد من الثقة على موهبته الخاصة المثبتة في البقاء السياسي"
رجل عنيد
وأضاف الدخيل بقوله: "اعتقد انه يرغب في العودة إلى صنعاء. هذا الرجل عنيد جدا. على مدى 30 عاما انشأ شبكة ضخمة من المصالح. لذلك أنا فوجئت بأنه لا يزال يملك دعم شعبي داخل اليمن".
لم تتخذ السعودية موقفا واضحا حتى الآن. كانت السعودية في الماضي تمول حكومة صالح وكذلك العديد من مشايخ القبائل اليمنية، من ضمنهم أولئك الذين انقلبوا ضد صالح.
مشترطا عدم ذكر اسمه، توقع مسئول سعودي أن صالح كان يخادع في خطابه الأخير، واصفا تعهده بالعودة بأنها "مناورة سياسية".
لكن المسئول السعودي قال إن الحكومة السعودية لن تمنع صالح من الذهاب إلى بلاده إذا أراد ذلك.
يقول العديد من السياسيين اليمنيين إنهم يشعرون بالإحباط الشديد بعد ما اتضح أن الاستضافة السعودية لصالح لم تقنعه بتنفيذ المبادرة الخليجية، سواء بقي في الرياض أم لا.
يقول شيلا كاربيكو، متخصص في شؤون اليمن: "ربما أن الركود في اليمن يعكس الانقسام الحادث داخل مدينة الرياض".
برغم أن التضخم الجامح في صنعاء وانقطاع الكهرباء ونقص مزمن للمياه قد جعل الحياة بالكاد مقبولة، فإن حلفاء صالح ومناصريه قد تنفسوا الصعداء من خطابه.
يقول سائق التاكسي محمد الجمالي: "عودة الرئيس مؤكدة وما فيش أي شيء يمنعه من العودة. رأيته أمس وصحته أفضل بكثير من قبل. إنه شيء مدهش".
وكالة رويترز
تعهد صالح بالعودة إلى البلاد يبقي اليمنيين في خانة التخمين 2174