;
عبدالمعين المضرحي
عبدالمعين المضرحي

بين مساوئ الحكم وسيئات الساسة 2360

2011-08-16 23:20:23


يموتون في المهجر غرباء، أو يعيشون في وطنهم جياعاً معدمين!! شعب أميّ، متخلف، بدويّ، همجي، فقير، يأكل القات، يعشق الفوضى، لا يطيق النظام، لا يُقاد إلا بالتجويع وأخيراً وليس آخراً إرهابي ويُصدِّر الإرهاب.
هكذا سوق النظام شعبه في الداخل والخارج وقدم على ذلك الكثير من الأدلة –المفتعلة- الملموسة حتى صار الآخر يعتقدنا كذلك وينظر إلينا شزراً خلافاً لكل شعوب الدنيا.
جاءت الثورة فوقع الحق وبطل هنالك ما كانوا يدعون، ومع كل ملامح الرقي الحضاري التي أفرزتها الثورة والتي بدت جلية كالنهار –لكل ذي عينين طبعاً- ممثلة في سلوك الثوار مع هذا كله إلا أن النظام ظل يجتر كل مصادر قوته وبقائه من الآخر، هذا الآخر الذي بالمقابل لازال يتوجس منا خيفة بالرغم من كل ما أبرزناه من مؤشرات مطمئنة ومعطيات كفيلة بإزالة ما اعتراه من لبس في التصور والرؤية والاعتقاد.
ما كان اسخى القدر حين اصطفى –لحكمنا- صالح طوال عقوده الثلاثة التي طال علينا أمدها وتطاول علينا كلكله وما احتضنته من قواسم الظهر ومعوقات الحياة.
وما كان أقسى القدر على هذا الشعب حين أوكل أمره للمذكور الأكثر قسوة والذي بفضله ظل هذا الشعب كل تلك السنوات الطوال أسيراً بين مساوئ الحكم وسيئات الحاكم.
ولأن الحفاظ على الشيء أصعب من الوصول إليه، فإن الرئيس صالح قد حذف هذه القاعدة وتمثل بإتقان لمضامينها وجعلها منطلقه الأول منذ اعتلاؤه الحكم في السابع عشر من يوليو المشؤوم، فمنذ ذلك التاريخ سخر صالح كل جهوده وإمكانيات البلد للحفاظ على كرسيه وإبقاء دفة الحكم بين يديه، وقد نجح الرجل في تحصين حكمه والإبقاء عليه، ولعل السبب الرئيسي في ذلك النجاح هو أن الرئيس استلهم تاريخ اليمن السابق، ففقه الكثير من الفنون واكتسب الكثير من العبر والخبرات التي أبعدته عن التصادم مع مراكز القوى المؤثرة وجنبته الانزلاق في مصارع السقوط، وبالمقابل طور قدراته العقلية وحدثها بما يتناسب ومعطيات صناع القرار العالمي في الدول العظمى، ولعل الديمقراطية الشكلية بانتخاباتها وآلياتها الشكلية ومكوناتها الشكلية كانت إحدى الدعامات الرئيسية في الحفاظ على صالح واحتفاظه بنفسه حاكماً.
أمن الرجل لحكمه جانب الزوال إلا من الموت كنهاية حتمية واحدية المعيار في التعامل مع البشر، لا سيما والأيام تنسلُ، والسنين تنفذ والفرص تتضاءل، والأبناء يكبرون، والشعوب تصحو، والوعي يزداد.
فالآن الآن وليس غداً - الوقت لا ينتظر - بدأ يؤسس للتوريث، مستخدماً كل إمكانياته ونفوذه، متسلحاً بكل الوسائل والأساليب النفسية والفكرية والعاطفية والسياسية، واضعاً في الحسبان كل الاحتمالات والعوائق التي قد تهدد صيرورة هذا المشروع ونجاحه، ولأنه الحاكم بأمره في كل شيء، لا يُسأل عما يفعل، نجح إلى حدٍ كبير في فعل وتحقيق ما أراد.
بدأت صور النجل تظهر في وسائل الإعلام المختلفة، وبفعل فاعلين ظهر في الرأي العام الشعبي نوع من التقبل لشخصية النجل وإن كرئيس يخلف الوالد، حتى صورته بالزي العسكري بجانب أبيه والمذيلة بعبارة "وحدتي قوتي"، لقيت رواجاً لدى مُلاك وسائقي المركبات بأنواعها المختلفة، انتشرت بكثرة ولم تعد تلق استياءً في الذهنية العامة، ولذلك كان أمراً عادياً أن يعتلي الولد قيادة الحرس العائلي ولم يُصدم البعض حتى نكون منصفين بأن يصبح هذا القائد الحاكم الفعلي لكثير من المؤسسات الرئيسية في البلد وبالأخص الجيش بصورة كاملة باستثناء بعض القيادات التقليدية التي رأت في سلوك الابن الجريء وتأييد ومباركة الوالد الأب لذلك السلوك حصحصة حق –لشر أريد- بدأت تصعق الأذهان.
أنا هنا لاستعرض مسيرة ذلك المشروع الصالحي الأشهر والذي ظُلم كثيراً من قبل الإعلام الرسمي الذي مجّ آذاننا بمشاريع الصالح الغير حقيقية من باب صدقية المصطلح على الأقل، ولكنني عرجتُ على ما سبق وأشرت إليه حتى يتسنى لي الإتيان بما أود قوله وللقارئ التتابع المنطقي والغير مجزوء للموضوع.
المهم أن مشروع التوريث هو أشهر مشاريع صالح أهمية وأثراً، ولعل الميزانية التي رصدت له والتي لم يعلن عنها مهولة جداً، ناهيك عن الجهات التي تبنت تنفيذ المشروع بأجندة لا تعد، كانت الفاتورة مكلفة جداً وحده الشعب ووطنه من دفعا باهظ ثمنها ولايزالان.
أزمات البلد الخانقة وحروبه الطاحنة الكثيرة التي أخرت التنمية ونغصت الحياة كلها وغيرها من المشاكل المفتعلة أو المتاوطأ على افتعالها، كلها فواتير جزئية دفع الشعب ثمنها لضمان نجاح المشروع.
ظلت حياة اليمنيين وتحديداً من عام ما بعد الألفين مرتبطة بهذا المشروع، فإن لوحظ فيه بعض من النجاح والتقدم استراح الشعب من معارك البحث عن مقومات حياة بسيطة وحق زهيد، وإن تعطل ا لمشروع وعيقت الحركة فيه ضُيّق الخناق على الشعب بأزمات قاتلة كأزمة المشتقات النفطية التي نعيشها اليوم، لكن الأجمل من كل هذا والموضوع الجدير بالتأمل والتوقف والإكبار في كل تلك المراحل الطوال حتى اللحظة هو أن الرئيس ونظامه أخرجا للناس وللعالم أسوأ ما فيهما من النوايا والشرور والحقد حين امتحنتها الثورة بزلزالها، بينما نجد شعبنا الكبير العظيم يُبدي للعالم وللدنيا أجمل سلوك وأعظم مظهر متحضر ربما في العالم كله يحدث منه هذا وهو يعاني من سكرات الموت المعيشي المفتعلة، انضباط الناس بمختلف مشاربهم وأعمارهم في الطوابير الطويلة أمام محطات البنزين والديزل مشهد يشبه ابتسامة عظيم يُقاد ظلماً إلى المشنقة أو الإعدام، هذا المشهد لا يُقزم الجناة أبد الدهر فقط، بل يُفقد الموت ثقته بنفسه، فيهاب من لقاء العظماء.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد