تتنوع هذه الأيام هذه خيارات الموت في أبين وخاصة في "أرض دلتا" بناء لمن فضل الصمود والبقاء في دياره وسقط رأسه، يلاقي قدره المحتوم بعد أن تخلى عنه الكثيرون، ومع اشتداد المعارك اليومية وما تخلفه من دمار، يتزايد معها معاناة أكثر من مائتين ألف مواطن من أبناء مديريات الدلتا الثلاث زنجبار، "خنفر وشقرة"، الإضافة إلى وقوعهم بين كماشة المتحاربين وتعرضهم المستمر لكل أنواع القذائف والرصاص من كل جانب جاء دور الأمراض والأوبئة وخاصة الكوليرا التي تقود بدورها حرباً مخفية ولكنها فتاكة وقاتلة.
ولأن الحرب قد تسببت بنزوح الكثير من موظفي الدولة وتوقف بالمقابل الكثير إن لم يكن كل أنواع الخدمات العامة وخاصة الصحية والبيئية فقد كان من الطبيعي أن تنتشر الكثير من الأمراض والأوبئة معمها، يعود سببه إلى انعدام المياه الصالحة للشرب أو تلوثها عبر اختلاطها مع مخلفات المجاري، وأخرى يعود إلى تلوث المواد الغذائية وخاصة المجمدة بسبب الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي والغياب التام للرقابة الصحية وكلها أمور معروفة بتوفيرها المناخ الملائم والمساعد لتفشي وباء قاتل مثل الكوليرا.
وبحسب التقارير الصحية المؤكدة فإن الكوليرا قد بدأت بالظهور منذ منتصف شهر إبريل الماضي ولازالت تتفشى في معظم المدن والقرى في هذه المديريات تنشر معها الموت والهلاك دون توقف حتى أصبحت تهدد كل بيت.
وتفيد التقارير الإحصائية الأولية أيضاً بأن أكثر من 6000 شخص قد أصيبوا بالكوليرا وربما تكون الأعداد أكثر من ذلك بكثير، وهناك من يقول بأن الكوليرا أصبحت أشد فتكاً وخطراً على السكان من الحرب نفسها، ففي قرية المخزن وحدها توفي أكثر من 10 أشخاص خلال الشهر الماضي وحدة، أما إجمالي الوفيات فقد تجاوزت الأربعين حتى الآن ولازالت الأعداد مرشحة للزيادة مع استمرار تفشي هذا الوباء وانتقاله إلى مديريات أخرى وحتى لا يمكن وصفه بأقل من كونه مأساة حقيقية تحيق بمواطنين أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم رفضوا أن يكونوا نازحين، فكان عليه اختيار طريقة الموت التي يفضلونها أما بالرصاص أو بالكوليرا؟
استشاري علم الأمراض الوبائية
د/صالح الدوبجي
خيارات الموت في أبين بين الكوليرا والرصاص 1755