لقد سعى النظام منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي إلى إثارة الفتن والقلاقل ونبش قضايا الثارات بين أبناء وقبائل محافظة أبين، وذلك بغرض عودة أبناء أبين إلى ما قبل مئات السنين، وليتذكروا اللعنة التي أطلقها "السيد الوحش" بحق أبين وأبنائها والذي دخلها قادماً من محافظة لحج قبل مئات السنين، ومعه قرش فرنسي واستطاع أن يجمع تجارة كبيرة وعند مغادرته أبين مع قافلته والتي جرفها السيل والتي تصفه كتب التاريخ بالعارم، ولم يتبق لذلك السيد إلا القرش الفرنسي الذي كان بحوزته عند دخوله أبين، وحينها أطلق تلك الأبيات الشعرية القائلة:
أبين أرطب وألين
أبين بلاد الحاس والحسحاس
والظلم الشديد
لا حيها سالٍ
ولا ميتها شهيد
خيرها إلى الحجلين
شرها إلى الأذنين
شابها معلول.. وشجاعها مقتول
وقد ظلت تلك الأبيات ا لشعرية محفورة بعض الشيء في وجدان كثير من أبناء المحافظة، خاصة عندما تصيب أحدهم مصيبة أو كارثة تقع في أبين، تتردد هذه الأبيات، إلا أن النظام وبعد عام 90م تعمد كثيراً وحتى يومنا هذا أن يذكر أبناء محافظة أبين بهذه اللعنة ويطبق تلك الأبيات الشعرية كلمة.. كلمة.
فمثلاً "الحاس" والمقصود به هنا "البعوض أو النامس" والتي أصبحت أبين تعج به جراء انتشار مياه الصرف الصحي والمستنقعات في معظم شوارع المحافظة وأوديتها وأصبح شبابها معلولاً جراء الأمراض التي ينقلها البعوض لهم والمصائب الأخرى التي يعانيها من كدر المعيشة الصعبة في المحافظة والظلم الشديد التي لحقت بهذا الشباب المعلول، وإذا استطاع ذلك الشاب المعلول أن يغير شيئاً في واقعه كأن مصيره سيكون محتوماً بالقتل لا محال، ولذا دأب النظام أن يجعل هذه المحافظة ذات أكبر مساحة في اليمن بعد محافظة حضرموت، أن يعيش أبناؤها في دوامة الفراغ الدائم وأن يخلق الفتن والثارات بين أبناء ومشائخ المحافظة، وتعمد النظام بعدم تطوير المحافظة وجعلها خالية من الخدمات الأساسية، فالوضع الصحي والتعليمي وخدمات الكهرباء والمياه تكاد تكون شبه معدومة، يصاحب ذلك انفلات أمني والتي أصبحت أبين تتصدر المحافظات في هذا الجانب.
وسعى النظام وفق أجندته وخططه أن يجند ويدرب عناصر أطلق عليها "القاعدة" في منطقة "حطاط" بين مدينة باتيس والسلسلة الجبلية المؤدية إلى سرار بيافع، وقام بضربهم بواسطة الطيران وتكريم البعض منهم وإعفاءهم من العقوبات ويشتتهم لكي يتمركزون في المدن بدلاً من الجبال، فأخذت تلك المجاميع تنتشر في جعار ولودر ومودية والوضيع والمحفد لتفتتح شهيتها كثيراً، فقد مارست كافة الفنون الإرهابية من قتل المواطنين وسرقة السيارات والتقطع والنهب للمسافرين، بإيعاز من النظام وللأجهزة الأمنية في المحافظة والتي فشلت طيلة السنوات الماضية في حماية المواطنين والحفاظ على الأمن.
هذه الأعمال التي مورست في أبين جعلت المواطنين في المحافظة يعيشون توهاناً، وكما قالها صاحب اللعنة على أبناء أبين "لا حيها سالي.. ولا ميتها شهيد".
وهذا المسلسل الدرامي الذي بدأت فصول حلقاته الأولى في التسعينيات من القرن الماضي، في محافظة أبين من قبل النظام والذي استطاع أن يُكشف في الجزء الأخير.
ونأمل أن يكون الأخير في مسلسله، ليعلن في 27/5/2011م عن سقوط مدينة زنجبار في أيادي تلك العناصر الذي يطلق عليها حيناً بالقاعدة وحيناً آخر بالإرهابيين.
ونجح النظام في المؤامرة التي أعد لها مسبقاً في سقوط كبرى مدن محافظة أبين "جعار والعاصمة زنجبار" في قبضة المسلحين وظل متفرجاً للنساء والأطفال والشيوخ والأسر وهي تنزح من منازلها، متجهة إلى محافظتي عدن ولحج، ويتأمل بعمق للبنية التحتية لمدينة زنجبار وهي تنهار تباعاً وتقصف منازل المواطنين وتدمر المنشأتين الحيويتين التي حظيت بهما المحافظة في عهد النظام ملعب خليجي20 "الوحدة" ومبنى قيادة محافظة أبين "البناء الأبيض".
ولم يكتف النظام بذلك، بل سعى إلى التآمر ضد اللواء "25" ميكا الباسل الذي وقف حتى اللحظة في وجه تلك العناصر المسلحة والذي استطاع أن يكبدها خسائر في العتاد والأرواح، ولكن ذلك التآمر لم يدم طويلاً، فقد أعلنت قبائل أبين الباسلة والمشهود لها بالمواقف البطولية على مر العصور ضد الظلم.
وأنني أدعو قبائل أبين "إن حاربوكم أن تصمدوا وتتحدوا من أجل تطهير أبين من العناصر المسلحة وكذا الفاسدة التي أوصلت المحافظة إلى ما هي عليه حالياً، وأن لا ترضخوا للإغراءات التي تسعى السلطة القيام بها من خلال إثارة الفتن بين القبائل والتي دأبت خلال الفترة الماضية على فعلها.
وكما بدأنا مقالنا بالأبيات الشعرية، نختتمه بالأبيات الشعرية للعم "يسلم العنودي الكازي" والذي قال:
قوات تتقدم وتتأخر
ولا عرفنا شي معانيها
القبيلة تحتشد على أبين
من بعد أن دكت مبانيها
يا ذي تآمرتوا على أبين
لابد أن تدفنوا فيها
أبين لها تاريخ من أول
ما تقبل الباطل قبايلها
قبائل أبين باتحررها
من العناصر ذي تديروها
وباتحاسب كل من شرد
سكان أبين من منازلها
الويل.. الويل من ذي سلموا
أبين لدى العناصر الذي نهبوها
كانت نواياهم على أبين
تقف حاضرها وماضيها
أبين عصية قال بوناصر
فيها قبايلها بتحميها
لا هوه فشل الجيش
باتدخل بالعنف باتحرر أراضيها
أبين بلاد الشر من أول
ومن دخلها يقتبر فيها
يا ذي تبون الخير من أبين
ما الخير ماشي إلا بلاويها