ثوار اليمن، ما أعظم وما أكبر الفرق بينكم وبينهم، تريدون يمناً بلا فساد، فقالوا لكم عبر صناديق الفساد، طلبتم محاكمة اللصوص وناهبي الثورات والثروات، أجابوكم صحيح أنهم فاسدون وسرقوا القليل والكثير، ولكن ليس من حقكم أن تحاكموهم، لأنهم سيحاكمون أنفسهم بأنفسهم، فلا ينبغي أن نتنكر لجميلهم وجهودهم في "33" عاماً وإن كانوا لصوصاً، قلتم يسقط النظام ليرحل الفساد والفقر والجهل، قالوا نحن معكم يرحل الفساد، ولكن يبقى الفاسدون، فلا يجوز أن نربط بين الفساد والمفسدين.
ما أروعكم أيها الثوار، استغلوا وطنيتكم وحبكم لوطنكم، حاولوا مراراً وتكراراً ترحيلكم وتحويل جمهوريتكم اليمنية إلى مملكة تورث بإقصائكم من الحياة السياسة، يا الله ما أعظم صبرهم وما أوسع صدورهم وما أشجعهم، فلم تعفيهم رائحة الدماء -معارضي مشروع التوريث- من الصمود، كل هذا من أجل اليمن، فما أحلمكم، حيث بادلتم شرورهم بخيركم، واجهتم رصاصاتهم وسهام أحقادهم وقنابل إجرامهم بصدوركم العارية الطاهرة، فيا رب ارزقنا رد عقولهم ورباطة جأشهم وسعة صدورهم ولا تحرمنا من حب أوطانهم.
الناصريون الضحية الأولى من فسحوا له التربع على كرسي الحكم، فجازاهم بالتصفية والإبادة الجماعية، ولكنه رحم بعضهم بالسجن المؤبد، ليأتي الدور على الاشتراكيين –شركاء الوحدة- الذين قدموا التنازلات تلو التنازلات من أجل وحدة اليمن وجمع الصف، قبلوا أن يكونوا محكومين فجازاهم بفصلهم من الشراكة والساحة السياسة، كتموا على أنفاس أوجاعهم، لأن شعارهم وحدة لا انفصال، فقبلوا بوثيقة العهد والاتفاق، ليأتي وبارك هذا الاتفاق بالاغتيالات السياسية والانقلاب على هذه الوثيقة لشيء في نفس يعقوب، ليشن حرباً على جنوب اليمن والتي شوهت الوحدة، قدم الافتراءات السياسية والتهم الكيدية ولأنهم لا يجيدون مثل هذا، فقد كان مبرراً لحربه التي اسماها حرب الشرعية ضد الانفصال الذي أوجده، ولم ينس على طريقه من زرع الحقد السياسي بين الإخوة الاشتراكيين والإصلاحيين.
فبعد انقلابه على ثورة "26" سبتمبر الخالدة ومصادرة أهدافها وتجريدها من مضمونها، انقض على الأخرى ثورة "14" أكتوبر المجيدة، عندها كشر عن أنيابه باتجاه الإصلاحيين من ساندوه في الشدائد وأصلحوا ما دمره، كابر به قادة الإصلاح رغم علمهم أنه ثعلب ماكر، فكان لا بد أن يأخذوا نصيبهم من إحسانه، فقام بإلغاء كل شيء جميل في وجدانهم، لكنهم جعلوا مصلحة اليمن فوق كل اعتبار وقدموا له رسالة تطمئنه وتزيح أوهامه إنهم ليسوا طامعين في السلطة، بل حلمهم هو دولة مدنية، قائمة على العدل والمساواة والديمقراطية الحقيقية والشراكة العادلة، فرشحوه في الانتخابات الرئاسية قبل الماضية إلا أنه لم يفهم الرسالة، فبعد فوزه كان لابد له أن يقدم رسالة شكر وعرفان للإصلاح، ولكن من عيار ثقيل، فقام بترهيب الغرب من الإصلاح وقياداته وشوه صورتهم بالإرهاب وصنع من نفسه مدافعاً عن مشائخ الإصلاح، زرع الألغام السياسية والدينية أمامهم، لم ينس معروف قائد الإصلاح الشيخ/ الأحمر –رحمه الله- فقام بتدمير منزله، المنزل الذي كان حلاً لمشاكله وفتنه، وسبباً في بقائه على الكرسي طويلاً.
مضرته وفساده واستبداده ومكره وزرعه للفتن والخلافات السياسية والدينية، تسببت في توحيد صفهم ورأب صدوعهم، فجن واعتبر ذلك عائقاً أسياسياً أمام السلام والديمقراطية الصالحية، اتهمهم بمحاولة تمزيق الوطن والعمالة، ابتسموا له بسمة سياسية وقالوا له نحن نحب اليمن، فلا تفصل الروح عن الجسد، كثرت مشاكلك وكبر توسع فسادك، زرعت الفتن خلقت ثقافة الكراهية جعلت ذاك دحباشياً والآخر انفصالياً، أشعلت الحرب في صعدة، طمقرت التمديد والتوريث، دمرت اقتصاد الوطن، فالبلاد معك نحو الظلام، فلابد من الحوار، أخذته العزة وقال أصوات نشاز، فاتكم القطار، فبدل حواركم سنصفر، بل سنقلع العداد والشعب سينتخب المؤتمر.
وفعلاً خرج الشعب لينتخب انتخاباً ثورياً سلمياً، يطالب برحيل المرض العضال وإسقاط النظام، وعندها استوعب واعترف وقال صدقتم الحوار.. الحـوار، ولكن متى؟ بعد فوات الأوان، فقتل الشباب وإحراق الثوار وفعل العجيب والعجاب، وبعد هذا كله يتساءلون لماذا ثورة؟، فالزعيم يدعوكم للحوار وعدم الانجرار، أجبتموهم بعزة الثوار: هي ثورة شعب، فلا حوار ولا جدال، فلابد من إسقاط النظام ليرحل الفساد ويأتي العدل والسلام.
لهذا فإننا نحترمكم ونقبل تراب أقدامكم، كتبنا على صفحات أرواحنا بدماء الشهداء أننا على دربهم ماضون، فالمجد لليمن والخلود للشهداء و النصر للثورة، والخزي والعار لأعداء ثورة من أجل وحدة اليمن.