تُرى من المستفيد من تدمير مدينة زنجبار –عاصمة أبين؟ ومن هو صاحب المصلحة؟ وإلى متى ستستمر هذه المجازر بين أبناء العقيدة الواحدة؟!.
أسئلة كثيرة أبحث لها عن إجابة، فلا أجدها، وتتملكني الحيرة التي تتملك غيري وهو يفتش لها عن إجابات شافية، لكن دون جدوى، وهو ما دفعني لطرح هذه التساؤلات بين يدي القراء الكرام، سيما بعد أن صدمت بذلك التخاذل المهين والتجاهل المشين من جميع المعنيين وكذا الإعلاميين، وهو أمر عجيب وغريب حقاً أن تغيب أحداث أبين عن الإعلام بشقيه الحكومي الموالي والخاص المعارض، فالإعلام الرسمي يتجاهلها والإعلام المعارض أكان بالداخل أو بالخارج يهملها وإن ذكرت، فذكر عارض، وما أكثر ما يمر عليها مرور الكرام، وكأن الأمور في سلام ولا يستحق أن ينشغل به الأنام.
لقد نسينا ومللنا التشرد والغربة وصرنا نشك تماماً أننا في وطننا وعلى أرضنا وبين أهلنا، فعاصمتنا والأحياء المحيطة بها، تدك يومياً، وكل النداءات والاستغاثات التي وجهناها مراراً لم تفلح، بل على العكس تماماً كنا ممن صح فيهم المثل القائل "يا فصيح لمن تصيح".
ومع ذلك ما زلنا على قليل من الأمل في أن تحظى "بنت الخالة" بلفتة كريمة أو استفاقة ضمير من قبل من تهمهم أبين من قادة أو مسؤولين أو مشائخ أو رجال دين، بل وحتى من الحقوقيين لإخماد نار الحرب ولحقن الدماء التي تسفك ولإعادة النازحين إلى ديارهم آمنين، سيما النساء والأطفال والشيوخ الذين عانوا الأمرين وسط الصمت المذهل والنظر إلى مشكلتهم بسطحية ومأساتهم بعوفية وإلى محنتهم بأنها ليست ذات أهمية وتنحصر في تقديم المواد الغذائية وبالتالي إهمال المسألة الرئيسية وهو ما سيسفر عن نزوح أهالي بقية المديريات إلى عدن وحينها فقط قد يتم الاعتراف بضرورة إيجاد الحلول المجدية، ولا أعلم من الزمان كم سننتظر، حتى يتم ذلك وحتى تستفيق الجهات المعنية من سباتها.
نذكرهم ونذكر الأطراف المتنازعة أن هذه المواجهات المسلحة قد كلفت أبين الكثير وأعادتها إلى الوراء قروناً وشردت العباد ودمرت مقدرات المحافظة وأجهزت على بنيتها التحتية وعُرِضت الممتلكات العامة والخاصة للسلب والنهب، وروعت الآمنين وشتت شملهم، فهذا يتسول في مدرسة وذاك يستجدي في شقته المؤجرة.
والجميع إما نازح مهجر، أو صامد في منزله وبكرامته، إلا أنه يدفع ضريبة البقاء أضعافاً، فهو محاصر ومحروم من الخدمات الأساسية والضرورية إذ لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء أو دواء أو اتصالات، ولا يعلم ما الذنب الذي ارتكبه والجرم الذي اقترفه، كي يجد نفسه بين خيارين إما عيش مهين بنزوح، أو صمود كريم وحصار مرٌ أليم، ليفيق يومياً على أصوات القوارح وليستنشق سموم البارود ودخانه، فضلاً عن ترهيب وترعيب لا يطاق.
فمتى يا ترى سينعم الجميع بالأمان الذي افتقدناه؟ ومتى ستعود مياه أبين إلى مجاريها، لينتعش البشر والحجر والشجر، ولتعود أبين الخضراء إلى سابق عهدها؟، فالجميع يود العودة إلى دياره، لينعم بنعمة الاستقرار والاطمئنان، سيما وأننا نستعد لاستقبال أيام الشهر الفضيل -باعتبار أننا أمة مسلمة- تشهد لخالقها بالوحدانية ولنبيها بالرسالة، وندرك جيداً بشاعة الاعتداء على النفس التي حرم الله إلا بالحق، سواءً بسفك الدماء أو إزهاق الأرواح، وأن من أحياها، فكأنما أحيى الناس جميعاً، سائلين المولى عزل وجل أن يخمد نيران الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن ينعم على بلادنا وسائر بلاد الإسلام عموماً ومحافظتنا خصوصاً بنعمة الهداية وانفراج الغمة.. آمين.