انحرف ثلة من الإعلاميين بقطار الإعلام عن مسار محطته الرئيسية وأهدافه السامية إلى مسارات الابتزاز والتسلق والاستجداء ولي الأذرع تحت شعار "المصداقية الكاذبة" سندهم في ذلك تفسخ المبادئ وانحلال القيم وامتلاء سوق الإعلام بالغث والسمين.
لوثات الإعلام تلك بدأت تطل برأسها هذه الأيام وطفت على السطح هوامير كبيرة استمرأت الحصول على حق الشغلة ضمن أهدافها، فهناك من دأب على التسول بقلمه واستجدى المسؤولين بحثاً عن حفنة من الريالات مقابل تلميع صورة لفلان أو تغطية عيوب لفلتان من الناس، فيبيع الصحفي قلمه ونفسه رخيصة في سوق النخاسين، لأنه ارتضى لنفسه العبودية للدرهم والدينار وما أن تنقطع هبة هذا المسؤول حتى يبدأ بفتح النار وينفث سموم قلمه الخبيثة في صحيفته أو موقعه بعد أن تنقطع شعرة الود مع هذا المسؤول أو ذاك وتلك النماذج من الإعلاميين صارت ماركات مسجلة أسمائها معروفة لدى الجميع بمن فيهم القارئ المتابع الحصيف، كون شعار (إدفع) ضمن أولويات تلك الشخصيات التي انكشف للجميع زيفها ولست أعرض لهذه القضية قصداً للتعميم، بل إن فيها من التخصيص الشيء الكثير وإياك أعني واسمعي يا جارة .
المواقع الإلكترونية قد تكون فوائدها كثيرة ولا داعي لمحاربتها والتقليل من مكانتها وخدماتها التي سبقت فيها الصحافة الورقية، كونها صارت جزءً من الإعلام الحقيقي الذي يهتم به العالم من أقصاه إلى أقصاه وحضرموت كغيرها فيها من المواقع مع تشديدي هنا -كعبارة تستخدم في تصريحات مسؤولينا- بأن البعض من ناشري هذه المواقع ليست لديهم أية أهداف مادية بحتة تقف خلف افتتاحهم لهذه المواقع وإن كان هذا يحدث من البعض، ممن صاروا لوثات إعلامية تجري وراء من سيدفع أكثر، بل إن الأمر تعدى ذلك لرسم مخططات لاقتناص أي عطايا أو هبات رمضانية قد تدفع لهم في الشهر الفضيل الذي نحن على عتباته أو ما تتبعه من أشهر على شكل إفطار صائم وكسوة عيد وأضاحي وابتزاز بعض من يجعلون أيديهم مغلولة إلى أعناقهم في شهر رمضان بأن الموقع سيتجاهل أخبارهم وفعالياتهم وسيترصد وقوع أي وثيقة بين أيديهم تمسّ هذه الجهة أو الشخصية فيرضخون خوفاً من هذه اللوثة الإعلامية التي لوثت سماء إعلامنا الصافية.
قد يتهمنا أحدهم بأننا لازلنا في بداية المشوار وعلينا أن نحترم الأسماء ذات الصيت الكبير في الإعلام وهذه حقيقة لا نجهلها فاحترامنا للأسماء التي تستحق ذلك ولا تشوه سمعة الإعلام أمر لا جدال فيه، لاكما أولئك اللوثات ممن سمعت وشاهدت العديد من القصص والحكايات عن هؤلاء ممن كنت أقف إجلالاً واحتراماً لهم لكتاباتهم، لكن أفعالهم تلك تجعلهم في درجة أدنى وملفات هؤلاء ملغومة ولم يجرؤ أحداً بعد على فتحها رغم تداولها بين الإعلاميين في جلساتهم إلى أن صارت جلساتهم تسمى جلسات حشوش وتكتلات كون الضمير غائب لأن الفاعل ظاهر وتجرد من الاستتار ونسي قول المصطفى (إذا ابتليتم فاستتروا ) وتناسى أن أفعاله وأساليبه الممقوتة مكشوفة .
أعرف أحدهم يقال له الكاتب والمحلل السياسي مع أنه ظهر فجأة في سماء الإعلام بعد أن قفز إليه من الأبواب الخلفية وصار مراسلاً لوسيلة إعلامية ما ، صار يستغل مهنته التي امتهنها لابتزاز الآخرين، كون بعضهم يحبذ الظهور الإعلامي حتى وإن كان الخبر المرسل لتلك الوسيلة عار من الصحة، لكنه يتفاخر بصفة الإعلامي التي هي منه براء لأنه لوثة إعلامية وجدت من يدعهما ويسندها ومثله كثير، لكن من الأكيد أن القراء يفرقون بين الغث والسمين سواء كانت الصحافة إلكترونية أو ورقية .
وقفة:
بين الحين والآخر يظهر لنا من ينتقد المواقع الإلكترونية ويقول إنها أصبحت ساحة سائبة لمن هب ودب من الأقلام وأن الجو الإعلامي مليء بالملوثات التي جعلت من واقع سمعة الإعلام في الحضيض، ومع هذا ربما تناسى صاحبنا هذا أن الأقلام الصحفية نفسها التي مللنا القراءة لبعضها في صحفنا المكدسة عند الباعة في المكتبات وجدوا طريقهم لمواقع النت، تصحبهم نفس أساليبهم الرخيصة حتى لوثوا الإعلام الإلكتروني مع التذكير بأن ممن يحترم نفسه وقلمه
يوسف عمر باسنبل
لوثات الإعلام..... 2307