زنجبار أيتها المدينة المسالمة كأهلها الطيبين والمسالمين.. زنجبار يا ينبوع ذكريات الطفولة والشباب، أيتها العاشقة لكل معاني الخير والحب والود والوئام، الجامعة لكل بني البشر، الواهبة لهم كل قيم الإخلاص والوفاء.
يا حاضرة أبين الأبية وأرض الثوار الأوائل، قامات وزعامات عاشت وماتت ومرت من بين حناياك وأبحرت إلى عوالم الاستشهاد والكبرياء، عانقت سفحك وشطآنك وحقولك المخضرة، وتركت عبق التاريخ الناصع البياض.
وما كان لتلك القلة الحاقدة والمجرمة أن تهوي بسكاكينها الغادرة لتدمي قلبك الطاهر مقابل ثمن بخس، وصفقات مع الشيطان.
لقد دمر القتلة المجرمون كل معالم الحضارة ومنازل البسطاء الذين شيدوها بعرقهم ودمائهم خلال عقود مضت، نشروا الرعب ورائحة الدماء والأشلاء وهرب أناسها الطيبون دون أن يأخذوا شيئاً من متاعهم بعد أن انهالت كل أنواع الأسلحة الفتاكة على رؤوسهم وسط صيحات الأطفال والنساء والشيوخ، دون أن تتحرك في قلوب تجار الموت والسلاح مشاعر الرحمة والرأفة.
وإذا كنا نتحدث عن خيوط المؤامرة التي نفذت فجر 27 مايو 2011م، فإن المؤامرة بدأت فعلاً عندما هربت القيادات التنفيذية والأمنية والعسكرية إلى عدن خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة 2008-2009-2010م، عندما بدأت أنشطة الحراك والمجاميع المسلحة وحالة الفوضى وعدم الاستقرار وفضلت تلك القيادات التي ملأت جيوبها وبطونها من مال الدولة وبحثت عن أفخم الفلل والسيارات، تاركين أبناء زنجبار البسطاء يكتوون بنار قطع المياه والكهرباء وحالة الفقر والعوز، واستمرت تلك المؤامرة بهروب قيادات عسكرية من مصنع "7أكتوبر" للذخيرة الحية، الذي أسسه طيب الذكر الزعيم/ سالمين في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وهكذا نفذت المؤامرة بكل حذافيرها ليدفع أبناء مدينة زنجبار وضواحيها الثمن في تدمير منازلهم وقتل وإصابة العديد منهم وهروبهم الجماعي، ليتحولوا إلى نازحين لا حول لهم ولا قوة.
وهنا نوجه الكلام إلى كبار المسؤولين من أبناء محافظة أبين، لنقول لهم: إنه من العيب عليهم ومن المخزي والمحزن أن يتركوا عاصمة محافظة أبين تدمر وتنهب وتتحول إلى مدينة أشباح تنهش الكلاب الضالة جثث القتلى، لتتحول إلى كلاب "معنوزة" وتختفي منها كل معالم الحياة الإنسانية، وأوجه الكلام إلى نفسي وإلى جميع أبناء زنجبار وضواحيها أن علينا أن نكون يداً واحدة لنستعد للعودة والدفاع عن حقنا في الوجود، خصوصاً بعد أن مر شهر كامل دون أن تتمكن قوات الجيش من تحرير المدينة واستعادتها لأن القصف المدفعي والجوي والبحري لا يجدي شيئاً إذا لم تتدخل قوات بشرية تتولى زمام المبادرة لتطهير هذه المدينة الباسلة، وإعادة الحياة إليها كما كانت حاضرة أبين التي نشرت العلم والنور والتمدن إلى بقاع كثيرة.
وسيذكر التاريخ بأحرف سوداء مخزية ومزرية لأولئك الذين كانوا جزءاً من مؤامرة تدمير زنجبار، فالأيام القادمة كفيلة بأن تنطق وتكشف أرذل الناس الذين لا يعيشون إلى على جماجم الأبرياء.
لك الله يا زنجبار الحضارة والثورة والانعتاق والصبر لأهلك المشردين في أزقة وشوارع وحارات عدن ولحج والذين للأسف الشديد لم يحصل معظمهم على الرعاية في ظل روتين بطيء وممل لإيصال ذلك السحت الذي لا يغني ولا يسمن من جوع ولا نملك إلا أن نطلب من الملك المنان خالق السموات والأرض اللطف والرحمة، فهذا ابتلاء لا اعتراض عليه، اللهم ارحم عبادك المشردين وردهم رداً جميلاً وعليك بالظالمين والقتلة والمجرمين والفاسدين وتجار الحروب.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فضل علي الشبيبي
لا نامت أعين المتآمرين على زنجبار 2129