أتفق إلى حد كبير مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور/عبداللطيف الزياني في اكتفاء دول مجلس التعاون الخليجي الست بالدور الحالي الذي تقوم به الآن في اليمن.. وترك المتابعة للشأن العربي- وتحديداً للأوضاع الدائرة في سوريا وليبيا وغيرها- للجامعة العربية لأسباب جوهرية عدة, يرد في مقدمتها :
- أولاً: أن أمام المجلس تحديات خطيرة بعضها يفرضه واقع المنطقة (المأزوم) ويوجبها الاستعداد لكل الاحتمالات, طبعاً ليس بتطوير أداء الأجهزة الدفاعية والأمنية فقط وإنما بتحسين مستوى الحياة الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية وبتطوير أنظمة الشورى, والرقابة, ومحاربة الفساد, وبتنمية دولها ومجتمعاتها والاهتمام أكثر بالإنسان فيها..
- ثانياً: أن المبالغة في الاهتمام بالقضايا السياسية والأمنية في المنطقة والعالم سوف تصرفنا عن أولويات تفرضها علينا مسؤولياتنا تجاه أوطاننا الستة وشعوبنا المتطلعة إلى المزيد من العناية والاهتمام, والرفعة, والحقوق..
- ثالثاً: أن الوضع العربي الراهن بات معقداً, وقابلاً للتطور والتوسع وربما الانفجار, وليس لدينا استعداد كدول مسالمة أن نكون جزءًا من وضع لا نعرف نهاياته, بالرغم من أننا جزء من هذه الأمة, وانه لا يمكن فصلنا عن الهم العربي الشامل, لكن عدم الانفصال عن المنطقة وهمومها شيء, والانغماس الشديد في أوضاع (مأزومة) وغير قابلة للحل شيء آخر..
- رابعاً: أن مسؤوليتنا كدول خليجية , لا تقتصر – فقط – على المنظومة العربية.. ولا على شعوب المنطقة فحسب بحكم الانتماء القومي الطبيعي, وإنما نحن مسئولون – وفقاً لإرادة الله وتقديره – عن مصائر دول وشعوب العالم بفعل وجود الثروات الطبيعية الهائلة داخل أراضينا, وهي ثروات تعتمد عليها حياة دول العالم وشعوبه كافة, وإذا نحن لم نعمل على تأمينها, وضمان تدفقها إلى كل مكان, وتطوير منتجاتها واتقان تسويقها فإن الحضارة الإنسانية ككل ستتعرض لكوارث مهولة تنعكس علينا أيضاً, وهذه وحدها مسؤولية كبيرة وخطيرة وتحتاج منا إلى عمل متواصل في أكثر من اتجاه.. اتجاه تقني, واتجاه أمني, واتجاه اقتصادي بحيث نضمن بالإضافة إلى التدفق الآمن لهذه الثروة في شرايين الاقتصاد العالمي فإن علينا أن نؤمنها, وأن نسيطر على أسعارها بقدر الإمكان.. ونمنع أي خلل يقع فيها..
- خامساً: أن المشكلة اليمنية وحدها (صداع) غير هيَّن وأن التفرغ الخليجي لمعالجتها يأخذ منا الكثير من الجهد والوقت والإمكانات أملاً في الوصول إلى الوضع الطبيعي الذي لا يجعل من اليمن بوابة تؤدي إلى الإضرار بنا, وتحوله وشعبه إلى مسرح للجريمة لا سمح الله, فضلاً عن أن مسؤوليتنا هذه كبيرة تجاه بلد وشعب يجاورنا ويتقاسم معنا (الحالية والمرة) وتوجب علينا سلامته.. جدية أكبر للعمل من أجله بكل الطاقة, وليس بإمكاننا بعد كل ذلك أن (نغرق) في متاهات أخرى لا نهاية لها..
لكن كل هذا لا يمنع دولنا وشعوبنا من أن تُشارك اخوتنا في سوريا وليبيا وغيرها في الإحساس بآلامهم ولا نتخلى عنهم, وان تدعم كل عمل يؤدي إلى استقرارهم وسلامتهم أيضاً..
أجارنا الله وإياكم من المصائب, ووقانا من سوءات النفس ونهمها , وألهمنا وإياهم الحكمة وسداد العقل لتمكين الشعوب من أن تعيش عيشة كرامة, وعزة, ومنعة, والله معها..
جريدة الرياض
د. هاشم عبده هاشم
كفانا اليمن.. وأوضاعه 1976