منذ عقود وأبين تدفع الثمن في ظل صمت أبنائها الشرفاء الذين يحاولون مراراً تخليصها من قبضة المزايدين عليها، سواءً من أبنائها المنبوذين والمتواطئين مع النظام الحاكم الذين صمتوا بحكم وجودهم كمسؤولين في السلطة وعلى دراية ومعرفة جيدة بما يخطط له ومنهم وزير الدفاع ومسؤولين ومشائخ وغيرهم ممن ارتضوا على أنفسهم جعلها مسرحاً للصراعات الدموية أو لاستخدامها ورقة للمزايدة السياسية والأمنية، تتجاذبها الأطراف السياسية وأشخاص لاعبون في الساحة اليمنية، مقابل إرضاء قادتهم وحصولهم على حفنة المال المدنس الممزوج بدماء أهل أبين الشرفاء.
الضحية لتلك السيناريوهات القذرة أبين التي اتخذت مسرحاً لاستعراضها ابتداءً بمجزرة المعجلة ومحرقة الحصن ووصولاً بنقل سيناريو الحرب الوهمية مع القاعدة لتسليم زنجبار للجماعات المسلحة وتشريد سكانها ونزوح ألاف الأسر إلى عدن ولحج ومختلف مديريات أبين، في معاناة يندى لها الجبين وستظل لعنتها تطارد أبنائها من المسؤولين المتواطئين مع السلطة ولن يغفر لهم أهالي الضحايا ومن اكتوى بنيران هذا السيناريو.
ما حصل في أبين خلال العشر السنوات في حطاط وجعار ومودية ولودر والمحفد هو مخطط قذر له أجندة سياسية وأمنية تخدم السلطة وازداد تدعيمه وتنفيذه بشكل أكبر في فترة ظهور الحراك الجنوبي في عدن والضالع ولحج ولودر2007م، ليتم تنشيطه في زنجبار وجعار لهدف إلصاق تهمة القاعدة بالحراك والسيطرة عليه وتصفية قياداته واستخدام بعبع القاعدة لتغطية جرائم النظام حتى تلك الحوادث العرضية التي تحصل في النقاط العسكرية لتبرير الجرم والإفلات من العقاب وغيرها، وهذا ما حصل في يافع ولودر ومودية والمحفد بتصنيف الضحية أو المجني عليه من أنصار القاعدة حتى وإن لم يسمع شيئاً عنها وكل ذلك بمباركة وصمت أبنائها المسؤولين في النظام والمحافظة الذين يتحملون اليوم مسؤولية كبيرة لاشتراكهم في الجريمة وينبغي عليهم اليوم تعرية النظام وجرائمه والمرتكبة باسم محاربة القاعدة كجرائم قتل رجال الأمن السياسي والأمن العام والجيش كأدنى واجب أخلاقي وإنساني يقدمونه تجاه اليوم بعد أن أصبحوا سوياً نازحين عن ديارهم بأقل مرتبة عن النازحين الصومال المحفوفين بالرعاية الأممية.
ولقد نجح النظام إلى حد بعيد بمغالطة المجتمع الدولي بمحاربته لتنظيم القاعدة وهي جماعات في الأصل تتبعه وتخرج من عباءته لتغطية جرائمه ولتصفية خصومة السياسيين المسالمين أصحاب الرأي ولكسب المواقف الدولية المؤيدة لسياسته الداخلية والخارجية وللحصول على المساعدات الأمريكية والغربية بحجة مكافحة الإرهاب بل استطاع إن يضع السياسة الأمريكية لمكافحة الإرهاب تحت سيطرته لاستخدامه للقاعدة فزاعة لتخويف الغرب ودول الخليج وهو أيضا ما يبدُ إن الولايات المتحدة تستخدمها للمزايدة السياسية تجاه الشعب الأمريكي ونظراً للنجاح الذي ابرع وتفنن النظام في صناعته في استخدام هذا البعبع شبح القاعدة ، كسلاح لسفك الدم اليمني البريء من الجنود والمواطنين لجعله كنظام في دائرة الاستهداف ليصدق المجتمع الدولي أن اليمن تخوض حرباً حقيقية مع الإرهاب، بل وصل الأمر بالسلطة لتستخدم هذا الشبح (الجماعات المسلحة) كالثروة أو كالذهب البشري لتجني باستخدامه ما تريد وتضرب من تريد.. فيما القاعدة الحقيقة هرُبت من سجون السلطة بعلمها ومباركتها، لقد وجد النظام في عناصر القاعدة التي لا يتجاوز تواجدها في اليمن عددها أصابع اليدين لم تستطع قتل أحد منهم، الحجة أو الوسيلة المربحة لمحاربتها واستغلال هذا الدور وما يتفق مع سياساتها الخارجية والداخلية واستخدمها كالعجينة حين تشاء لتشكلها بحسب الهدف المراد الوصول له طالما يمنحها الحق في استخدام القوة لضرب الخصوم وان كان على حساب الشعب وقتله وتشريده وأخيراً شكلت هذا الشبح وفقا وما يتفق وينسجم مع الدور المطلوب الذي يمكنه للانقضاض على ثورة الشباب وابتزاز المجتمع الدولي لتحقيق مكاسب سياسية منها صرف أنظار المجتمع الدولي تجاه الثورة الشبابية وإشغال الرأي المحلي والدولي بهذا الحدث المستجد واستخدام ذلك لضرب الثورة الشبابية من خلال تمدد هذا الشبح إلى محافظة لحج ومن ثم إلى تعز لإلصاق تهمة الإرهاب والإخوان وغيرها بالثورة، كما ستعمل منها قنبلة موقوتة تعيق أي حلول قادمة تهدف إلى إجراء انتخابات وغيرها لإعاقتها والتعذر بتهيئة الظروف أو إزالة التوتر السياسي أو الأمني وسيحمله الأطراف السياسية في اليمن (المعارضة- الحراك – الشباب ) وأدنى ما سيظهره النظام حينها أنه عاجزاً عن إزالة هذا التوتر والخطر العالمي، لأنه من صنع القاعدة.
في ظل هذه المأساة المتفاقمة وتنفيذ هذا السيناريو القذر الذي تسبب في تشريد أعداد كبيرة من الأسر واستقبلهم أبناء عدن رد عليّ أحد النازحين في مدرسة المنصورة بعدن والمعاناة أكست وجهه الشاحب حزناً وألماً عندما سألته -إذا دخلتم زنجبار ورفعتم أيديكم سلمية.. سلمية وطالبتم بالعودة إلى دياركم وخروج الأطراف من المدينة هل ستلبي الأطراف طلبكم، فرد علي بصوت خافت قائلاً "هذا ما يبحث عليه المسلحون التابعون للنظام للاحتماء بنا وما يراه النظام انه تصرف صائب من أجل ندخل في حرب أهلية معهم والقبائل عرفت هذا المخطط عندما استدعاهم وزير الدفاع ورفضت لأن الإنسان وحياته لا قيمه له عند الطرفين وهذا الأمر لن يحل إلا بعد انتصار الثورة الشبابية أو إعلان فشلها وبقاء النظام".
ما خلصت إليه من كلام النازح وألم معاناته أن هذه الجماعات المسلحة ستظل متواجدة على الأرض وتسفك دماء الأبرياء أو تتسبب في قتلهم، ولن يتخلى عنها النظام إذا ما استمر في الحكم، لأنه بدونها سيعجز عن الاستمرار في البقاء وتنفيذ سياساته الخارجية، فالقاعدة وجماعاته المسلحة المنقذ له من أي مأزق سياسي في وقت الشدائد، فهو أحد أركان الحكم غير المعلن عنه، ليقوم بحمايته وفق ما يراه باستباحته لدماء المواطنين وممتلكاتهم ونهب أموال الدولة واستخدام كل عمل قذر يصب في مصلحته.
محمد المسودي الفضلي
القاعدة لإنقاذ النظام وأبين تدفع الثمن!! 2243