دعت الرياض الأسبوع الماضي إلى سرعة التوقيع على المبادرة الخليجية لنقل السلطة سلمياً في اليمن، كما دعت واشنطن إلى اغتنام فرصة عدم وجود
"صالح" في البلاد وتنفيذ عملية تحول سياسي سلمي منظم، واعتبرت أنه الوقت المناسب لبدء تحول سلمي هناك، فيما كثف نائب الرئيس والرئيس
بالوكالة، تحركاته لاحتواء الأوضاع المتدهورة في البلاد.
والإشكالية التي تواجه دول الخليج والولايات المتحدة والأوروبيين معاً هي: من الذي سيحل محل صالح؟ وما يقلق الجميع خارج اليمن هو أن
الجماعات المختلفة التي تشترك في معارضتها لصالح، سواء أكانت من القبائل أو التنظيمات السياسية المختلفة أو الحركات الشبابية أو الجيش، متفقة على
ضرورة إبعاد الرئيس، لكنها غير متفقة على كيفية الانتقال، وقد تجد صعوبة في الاتفاق على القيادة الجديدة لليمن.
الوضع في اليمن أكثر تعقيداً وتشابكاً مما يتصوره الكثيرون، فهنالك انقسامات قبلية وعسكرية، ومشاكل بين الجنوب والشمال، ومشاكل مع الحوثيين،
وتطرف ديني، وعناصر مؤيدة لـ"القاعدة"... مما يجعل البلد في كف عفريت من كثرة التوترات والانقسامات.
فهل المعارضة التي تريد إطاحة الرئيس وعزله، تؤمن حقاً بالديمقراطية والانتخابات الحرة؟ وهل الحل يكمن في العودة إلى الشعب والدعوة لإجراء
انتخابات مبكرة؟ هناك حالة من عدم الثقة بين الطرفين، المعارضة والسلطة، فالأولى تصر على رحيل رئيس النظام قبل إجراء الانتخابات، أما النظام
الذي يدعو إلى الاحتكام للانتخابات في موعدها، فيرى أن حزبه الحاكم لا يزال موجوداً ومؤسساته قائمة، ولديه قواعده وكوادره الحزبية وجماهيره، وأنه
يستطيع إيصال رجل آخر من الحزب إلى السلطة.
في ظل هذه الأوضاع غير الطبيعية، أليس من المحتمل أن ينزلق اليمن في حرب أهلية، أم أن الجميع سيسعى لتفادي ذلك السيناريو من خلال التوافق
على تجسيد مفهوم الدولة الديمقراطية المدنية؟
لا يمكن لليمن أن يحقق السلام والاستقرار في ظل الخلافات المزمنة بين قبائله، فالولاء القبلي يفوق الولاء للدولة أو للحزب أو للمؤسسة العسكرية.
واليوم هناك خلافات بين أبناء القبيلة الواحدة، مثل "حاشد" -أكبر القبائل اليمنية- التي ينتمي إليها صالح وخصمه زعيم المعارضة صادق الأحمر،
وهما يتصارعان على السلطة والنفوذ. لذا ليس من السهل التخلي عن هذا الموقع القوي لمصلحة المجتمع في دولة قبلية كاليمن.
لماذا نتخوف نحن عرب الخليج من تردي الأوضاع في اليمن؟ ..الإجابة واضحة، وهي أن استقرار اليمن ورخاءه يمثلان ضمانة مهمة لاستقرار
الخليج كله، كما أن عدم الاستقرار في اليمن ينعكس علينا كذلك، فهو مجاور للسعودية وسلطنة عمان، ووجود عناصر من "القاعدة" في اليمن
وازدياد نفوذ الحوثيين ونشاطهم سيؤثر في الأمن والاستقرار في الخليج. كما أن الشعب اليمني وقبائله مسلحون، وأي انفصال بين الشمال بين الجنوب
يعني أننا قد نتأثر بحالة عدم الاستقرار المزمنة في اليمن.
نقلاً عن الاتحاد
د.شملان يوسف العيسى
المستقبل الغامض لليمن 1851