من نهم إلى الحيمة، إلى أرحب، إلى الحصبة النظام ينتحر على أسوار صنعاء زنقة زنقة .. دار دار، ومن طاقة إلى طاقة، هكذا أرادها النظام ورفضتها جماهير شعبنا اليمني من أقصاه إلى أقصاه، وفي الوقت الذي كانت فيه دبابات ومدفعية النظام تقصف منزل الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله وتغتال أرواح الآمنين في منازلهم المجاورة بحي الحصبة وسط العاصمة صنعاء، خرجت الملايين من أبناء الشعب في مختلف محافظات الجمهورية رافعة شعار "سلمية.. سلمية.. لا للحرب الأهلية".
إذاً من سيقاتل النظام، هل سيقتل أكثر من عشرين مليون يمني والعالم يتفرج ؟! هل سيقاتل أفراد الحرس والأمن والنجدة إخوانهم المسالمين المعتصمين العزل في ساحات الحرية والتغيير؟!.
كل شيء متوقع من هذا النظام ما دام وقد تجرأ على قتل الوساطات القبلية ومحاصرة وترويع الوساطات الدبلوماسية، لنقل إن النظام، من خلال هذه الحرب التي تشهدها العاصمة هذه الأيام يريد إلقاء القبض على أولاد الأحمر – كما تقول الفضائية اليمنية – لكن ثم ماذا؟ وكيف بالنسبة لبقية الرموز القبلية التي أعلنت انضمامها إلى ثورة الشباب ؟.. ألم يتعض هذا النظام بعد؟ ألم يدرك أنه بعد مجزرة جمعة الكرامةاكتظت ساحات التغيير بالمطالبين برحيله ومحاكمته !! هل سيتجرأ النظام لمحاربة الجيش المؤازر والمؤيد لثورة الشباب ؟! ليقاتل الجندي اليمني أخاه الجندي من أجل نظام عاث في البلاد فساداً خلال الـ 33 عاماً الماضية؟! لا أظن ذلك.
كما أني على يقين بأن هذا النظام سيحاول جاهداً التشبث بالكرسي بقدر استطاعته مستخدماً كافة الأوراق التي لديه وقوته ونفوذه المتضائل يوماً بعد يوم، وهو لا محالة راحل طال الوقت أو قصر ولكن بالطريقة التي يحبذها لنفسه "الإسقاط والمحاكمة" من قبل تلك الملايين اليمنية الصامدة والثابتة في قرارها وساحاتها أكثر من ثلاثة أشهر وهي على استعداد لمواصلة ذلك الاعتصام والمسيرات والمظاهرات ومختلف التصعيدات والطرق السلمية العام والعامين حتى تحقيق تلك الأهداف النبيلة التي خرجت إلى الشارع من أجلها.
ولماذا لا وهي نفسها من صبرت على ذلك النظام وفساده ثلاثة وثلاثين عاماً، هي بالفعل ثورة وبكل ما تحملها الكلمة من معنى وليس كما يصورها النظام وإعلامه بأنها خلافات حزبية وغيرها، ولا أعتقد أن النظام قد نسي بأن الثورة اليمنية ضد الحكم الإمامي قد استمرت من قبل 1948م وحتى عام 1962م إلى حصار السبعين وكذلك هو الحال بالنسبة للثورة الأكتوبرية في المحافظات الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني.
وواهم من يظن أن ساحات الحرية والتغيير ستخلوا من المعتصمين قبل رحيل النظام الذي ينتحر اليوم على أسوار صنعاء وسيواصل عملية الانتحار أمام ساحة التغيير بحي الجامعة وفي مختلف محافظات الجمهورية لتتساقط أعضاؤه عضواً تلو الآخر حتى يقف أمام وجهة أقرب المقربين له ويصرخ قائلاً: "إرحل إني بريء منك، إني أخاف محاكمة الملايين اليمنية" وهذه هي نهاية أكيدة لكل ظالم منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، وأنا على يقين أن وعي هذه الجماهير التي خرجت إلى الساحات بصدورها العارية قادرة على إفشال كل المخططات التي تحاك لإدخال البلاد في أتون الحرب الأهلية، وكذلك هي تلك الجماهير المغرر بها والتي لا تزال إلى صف النظام أو بتلك الجماهير الصامتة في منازلها، جميعنا ندرك مدى خطورة تلك الحروب وآثارها المدمرة لكل شيء، وجميعنا أكتوى بها خلال السنوات الماضية ولا تزال آثارها تؤرقنا إلى اليوم.
وهذه الثورة التي تشهدها البلاد اليوم بمثابة فرصة للتطلع نحو غدٍ أفضل مما مضى ومما نحن عليه اليوم، فهي دعوى صادقة أنشد بها كل ضمير يمني حي للوقوف صفاً واحداً في مواجهة تلك المخططات وغيرها التي يسعى النظام زج البلاد بها حتى يستطيع البقاء على الكرسي لأكثر وقت ممكن، ولندرك جميعاً أن آثار تلك المخططات كارثية على الجميع ، على الوطن والمواطنين ولا يوجد فيها منتصر ومهزوم، بل الجميع فيها مهزومون، يجب على العقلاء والوجهاء والعلماء التصدي لمثل هذه المخططات وإعلان استنفار شعبي كامل لمواجهتها، ليس بالمدافع والكلاشنكوف كما يفعل النظام ولكن من خلال تنفيذ حملة توعوية حول آثار وسلبيات ما يخطط له وتستهدف هذه الحملة كافة أبناء الوطن، حتى لا يتسنى لهذا النظام أو غيره إجهاض ذلك المولود الذي نحن جميعاً في انتظاره، لنقلنا جميعاً من عصر الفساد والفيد والوساطات والظلم والمحسوبية والفوضى والعبث والنهب واغتصاب حقوق الآخرين وانتهاك الحريات إلى عصر العدالة واستقلال القضاء ونزاهته ومحاربة الفساد وعناصره وتوزيع عادل للثروة والحفاظ على خيرات البلاد وأمنها وسيادة الوطن وكرامة وحقوق وحرية المواطن اليمني في الداخل والخارج، وحيادية الجيش والأمن وحرية الإعلام وبناء الوطن على أسس عالمية سليمة لا غش ولا تزوير، الجميع متساوون أمام النظام والقانون.
عبدالوارث ألنجري
النظام ينتحر على أسوار صنعاء 2215