;
د. مراد الصوادقي
د. مراد الصوادقي

الثورة.. والجيش 1936

2011-05-17 03:49:47


من العار على أي جيش أن يقف مع الكرسي ضد الشعب، وكأنه ليس القوة التي عليها أن تحمي الشعب والوطن من جميع الأخطار، أو أنه ليس من أبناء الشعب. فكيف يقبل جيش وطني الوقوف ضد أبناء وطنه؟! وهل أن مهمة الجيش أن يقمع أبناء الشعب الذي ينتمي إليه؟!
لقد قدم الجيشان التونسي والمصري أروع الأمثلة في التفاعل الإيجابي ما بين الجيش والشعب. وعبّر الجيشان عن وطنية عالية ووعي وفهم إنساني عميق وقدرة على إستيعاب الجماهير والمساهمة في تحقيق الإرادة الوطنية الصادقة. وكان الجيش المصري يتفاعل بأخلاقيات وطنية عالية أسهمت في تعزيز الأمل والتفاؤل والقوة عند أبناء الشعب المصري. وهذا يحسب من أهم الإنجازات الوطنية للجيش المصري، فلولا تفاعله الوطني الأصيل لما بلغت الثورة ذروتها ولما تداعت الكراسي وتساقط الأفراد وانتهى الحزب الواحد.
فالتواصل الجماهيري الوطني ما بين الشعب والجيش وتحقيق الصورة الوطنية المتجانسة المعبّرة عن التطلعات الشعبية الإنسانية الواضحة كان القوة الأعظم في لوي ذراع الإستبداد والتمكن من زعزعة أركان الطغيان.
وهذه الصورة الكبيرة الصادقة ربما لا يجوز لها أن تتحقق في البلاد العربية، فكأن الجيش ليس من الشعب ولا معه وإنما هو ضده، والجيوش في بلادنا العربية لا أعداء عندها إلا أبناء الشعب المطالبين بحقوقهم، وهدفها كسر الإرادة الوطنية وقتل التطلعات الديمقراطية.
وقد فعلت معظم جيوشنا ذلك، إلا الجيش المصري الذي لم يدنس يده في قتل أبناء الشعب المصري. وهذا الحال غير مسموح به، فكيف يكون الجيش مع الشعب، وقد رأينا العديد من المحاولات لإحداث الصراع والمواجهة ما بين الجيش والشعب المصري، لكن حكمة القيادة العسكرية قد تصدت لتلك المحاولات، وهذا يحسب من إنجازاتها الوطنية الأًصيلة التي تدعو إلى الفخر والتباهي.
وفي الجانب الآخر نرى الجيش في ليبيا وسوريا يقف ضد الشعب ويؤكد إرادة الكرسي وهذا السلوك من العيوب الوطنية التي تهين الجيش وتفقده كرامته ودوره الوطني.
وكأن الرسالة المعمول بها، هو أن على جميع الكراسي ان تحرك الجيش وتضعه على أهبة الإستعداد لمواجهة الشعب الثائر لكي يتحول إلى قوة قمعية مشينة ومخزية فيفقد دوره وقيمه وأخلاقه.
ويبدو أن المطلوب في المرحلة القادمة هو محاربة الشعب بواسطة قواته المسلحة، وبمعنى آخر، أن يقاتل الشعب نفسه. وما يدور في ليبيا وسوريا وغيرها من البلدان الثائرة بعد الثورتين التونسية والمصرية يشير إلى ذلك الأسلوب.
وعندما يدخل الجيش في حرب مع الشعب فإن المجتمع سيتداعى ويضعف ويعم الخراب والدمار وتعيش البلاد عصر المآسي الشنيعة. وهذا عار وطني ووصمة ذل وهوان في تاريخ أي جيش. فهل سمعتم ورأيتم أن الجيش يحارب أبناء وطنه.
إنها سياسة قمع الثورة العربية. وعلى قادة الجيش أن يكونوا بمستوى العصر وأن يعبّروا عن الإرادة الوطنية الجماهيرية لا أن يقفوا ضدها، ويرفعون رايات الكراسي والأفراد وكأنهم يتجاهلون بأن هذا الزمن قد ولى وإلى الأبد، وأن الجماهير الضعيفة المحرومة البائسة الثائرة من أجل الحرية والكرامة والعدالة والحقوق، لا يمكنها أن تنتصر دون مساندة الجيش لمطالبها المشروعة.
فهل ستتعلم باقي الجيوش من الجيش المصري دروس الكرامة الوطنية؟!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد