"حكومة الحصان، ووصايا الحمير"، هذا هو عنوان كتاب أصدره الكاتب المبدع الساخر والشاعر الرائع المتمكن الأستاذ/ عبدالكريم الرازحي، لم أعد أتذكر بدقة متى كان إصداره، لأن أحد الأصدقاء استعاره مني ولم يعده –سامحه الله- وهو عبارة عن مجموعة مقالات سبق أن نشرها الأستاذ/ الرازحي في عدد من الصحف المحلية، وأعاد جمعها وطباعتها في كتاب، ربما لأنه يرى أنها تناولت قضايا وظواهر ما تزال تفصح عن نفسها في حياة اليمنيين كل يوم حتى اللحظة.
والرازحي هو الكتب الذي لم يسلم من تهجمات المثقفين والكتاب والسياسيين "الملتزمين" وغير الملتزمين بمن فيهم أعضاء مجلس النواب، الذين أراد بعضهم أن يجعل من التهجم على الرازحي عبدالكريم وسيلة لتحقيق الذات وكأن اليمن لا تعاني من أية مشاكل سوى قلم الرازحي الساخر، الذي يجلد به ظواهر القبح والتخلف، ويعبر بصدق ويرفض أن يدجن قلمه في خانة السلطة أو إيديولوجيات الأحزاب العقيمة، ويرفض الوصاية على قلمه والتربح من آرائه ومواقفه، بكل صراحة وصدق ولا يسلم من نقده حتى شخصه البسيط المتواضع.
إن واقع الحياة في اليمن يزخر بكل ما هو رديء وقبيح، ابتداءً من السياسي الدجال المتقلب في المناصب والأفكار، مروراً بالاختطاف والإرهاب الفكري والسياسي، والفساد المالي والنهب المنظم لثروات ومقدرات البلد، والقوانين المفصلة "حسب الطلب"، وانتهاءً بالتعذيب الجسدي والنفسي والاعتقالات والمحاكمات الصورية الهزيلة، وصدقات المن والأذى الآخر، وموائد الشيطان.... إلخ.
ومع ذلك يجد الكاتب أحياناً متسعاً من الوقت ليعبر عن اشمئزازه من قتل أطفال العراق والفلسطينيين ومؤخراً الليبيين، أو الرغبة في اللجوء إلى أرض البقر والحليب "هولندا" أو السخرية السوداء من فساتين وأغاني "روبي وهيفاء ونانسي وإليسا"، اللاتي شغلن وبهرن وأثرن وما زلن غرائز عالمنا العربي حكاماً ومحكومين، كما شغل بالأمس البعيد فستان "مونيكا" العالم كله حكاماً ومحكومين أيضاً.
وكأن الحروب والمجاعات والقهر وسفك الدماء، التي تعاني منها البشرية قد زالت وانتهت ولم يبق أمام العالم سوى تلك الفنانات وفساتينهن "السافرة الخليعة" وأغانيهن، بل تفاهاتهن وحركاتهن الرخيصة، أو ذاك الفستان اللعين!.. وبعد، ألا ترون أن هذا الواقع الرديء البشع بما يحفل به تفكير بائس، وقبح، وضحالة لا تستحق أكثر من سخرية الرازحي.
ALHAIMDI@gmail.com
محمد الحيمدي
قلم "الرازحي" الذي لم يُدجَّن 1939