أذهلتم العالم بنقاوة ثورتكم وسلميتها، أنتم أيها الصامدون في ساحات الحرية والتغيير بمختلف محافظات الجمهورية, يا من خرجتم من منازلكم انتصاراً لكرامة وحرية الملايين من أبناء هذا الشعب الطيب المغلوب على أمره، والصابر على نظام أسري فاسد، وصل به الغرور إلى حد القول (اللي ما يعجبه يشرب من البحر)، ووصل به التهديد إلى القول (سنريكم العين الحمراء)، ووصل به الشطح وغض الطرف عن مختلف تجاوزاتهم ومخالفاتهم ونهبهم للمال العام, ووصلت به الجرأة إلى الاعتداء على مسيراتكم واعتصاماتكم السلمية، ودفع المليشيات لمواجهتكم بالرصاص الحي، بالشوارع والأزقة ومن أسطح المنازل.
وصلت به المكابرة إلى حشد أعوانه ومناصريه وقيادات حزبه وموظفي الدولة والمستنفدين من نظامه إلى العاصمة صنعاء لأداء صلاة الجمعة، والعودة إلى منازلهم, وما دام تلك البطانة السيئة لا تزال تحيط به، فهو على استعداد لعمل أي شيء لإخلاء الساحات منكم والقضاء على ثورتكم، ليظهر منتشياً بفرحة النصر، وهو يقول إنها سحابة صيف وعدت, أو مجرد زوبعة في فنجان, وهيهات أن يتحقق له ذلك، ما دامت مطالبكم عادلة وتصب في خدمة الوطن ومصلحة الكادحين من أبناء هذا الوطن, وما دامت ثورتكم شبابية لا حزبية أو قبلية ولا مذهبية, وما دامت مظاهراتكم ومسيراتكم سلمية، وما دمتم تستقبلون رصاصاته وقنابله السامة بصدوركم العارية.
 أعتقد أنه مجنون أي شخص يقف في وجه ثورتكم الطاهرة النقية، بعد قوافل الشهداء التي قدمتموها مشاعل ضياء للثورة، وآلاف الجرحى الذين ثبتوا في ميادين الحرية والشرف, كيف لا وأنتم تخرجون في تلك المسيرات بالملايين، منظمين ومسالمين، تحرصون على حماية الممتلكات العامة والخاصة وتحافظون على نظافة الشوارع واحترام المارة من أصحاب المركبات والشيوخ والأطفال والنساء وغيرهم.
 لا يعيب تلك المسيرات والمظاهرات التي تنظموها من قرابة الشهرين وبشكل متواصل، إلا ذلك النظام الذين تطالبون بإسقاطه، وهو يواجهكم بالرصاص ومسيلات الدموع, كم حاولوا النيل منكم عبر إعلامهم الرسمي المزيف, ولكن سلوككم الرائع والراقي كشف زيفهم والأباطيل, وعامة الشعب يدرك الحقيقة، رغم التهديد والتخويف المستمر لشعبنا اليمني تارة بالصوملة وأخرى بالعرقنة وثالثة بالجوع والفقر وغيرها, تارة بقطع التيار الكهربائي على معظم المحافظات تحت مبرر أعمال تخريبية, وأخرى بمنع وصول الغاز المنزلي إلى المحافظات.
كل ذلك بهدف تهييج الشعب ودفعه لمواجهتكم، ولكن الشعب صار يدرك مغزى تلك الممارسات ومن يقف وراءها, ففشلت كل تلك الممارسات واكتظت الساحات بالمعتصمين، وارتفعت شعبيتكم بين أوساط اليمنيين وأذهلتم العالم بنهجكم السليم وإبداعاتكم الرائعة, وأصبحتم محل احترام وتقدير الكثير من المعجبين.
 وأنتم أثبتم للعالم باعتصاماتكم أن الإيمان لا يزال يمانياً والحكمة يمانية، وأن الشعب اليمني الذي ينتشر السلاح في أوساطه، لا يزال يمتلك الكثير من القيم والعادات والتقاليد الحميدة المعروفة عنه، ويدرك تماماً في أي اتجاه يصوب سلاحه, أقولها لكم وبكل صراحة: إن ثورتكم اليوم أيها الرائعون سيسطرها التاريخ بأحرف من نور، لأنها تنبع من هموم ومعاناة تجرعتموها عشرات السنين وأنتم تبحثون عن حلول ومعالجات لها.
 واليوم يدرك كافة أبناء الشعب أن تلك الأهداف التي وضعتموها في ساحات الحرية والتغيير هي العلاج الوحيد لكل الأمراض الخبيثة والمزمنة, فلكم منا كل الحب والاحترام, ولثورتكم النصر القريب بإذن الله وللوطن البناء والتطور والتنمية والرقي وإنها لثورة حتى النصر، وما ذلك على الله بعزيز.