التاريخ اليمني معطر بشذى العود لأقدام النضال النسائي اليمني, تشعر برغبة البكاء أمام عظمة تلك النساء اللاتي شاركن في قيام الثورة اليمنية, ففي ثورة "14" أكتوبر كانت المرأة اليمنية هي كتيبة القنبلة الثورية ضد الاحتلال, وكانت شريكاً فاعلاً لا يستهان به, فقد قاومت الإحتلال وشاركت في الحركة السياسية وقادت المظاهرات الحاشدة والإعتصامات .
هذه المرأة اليمنية صاحبة الحكاية التي لا تنتهي, كانت تنزل يومياً لتوزيع المنشورات وتقرأ البيانات السياسية عبر منابر المساجد من أجل أسر المعتقلين والفدائيين, وكانت تنقل الأسلحة والرسائل وتخفيها بالشيذر (يستخدم كحجاب), وتقوم بعدة مهام ثورية - من تزويد الثوار بالمعلومات, إلى رصد تحركات الاحتلال وإخفاء الفدائيين, وجمع التبرعات, وتعرض البعض منهن للقتل والإعتقالات.
ومما يذكره التاريخ اليمني قافلة الدعم النسائية من عدن إلى تعز, وأيضا مشاركة الوفد النسائي القادم من عدن إلى صنعاء للالتقاء بالرئيس/ عبد الله السلال وقدمن له صرة من ذهب ـ هي كل ما يملكن ـ دعماً لثورة26 سبتمبر وكان ما جاء من كلامهن (هذا من نساء جنوب الوطن دعماً للثورة الأم) على الرغم من ضيق العيش نظراً لاعتقال أقاربهن بالسجون .
ولا ينسى التاريخ اعتصامهن في مسجد العسقلاني بكريتر, وقيامهن بمظاهرة أطلقت القوات البريطانية عليها مسيلات الدموع والرصاص, و توجهن بعدها إلى مقر المندوب السامي وقمن باقتحامه بعد سحور رمضان, واعتصمن هناك للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين, وظل الإعتصام أياماً، وكان أهالي المنطقة يحضرون لهن التمر وبعض الأغذية, واستمر الإعتصام حتى ليلة عيد الفطر، حيث تم الإفراج عن المعتقلين.
هذا هو التاريخ اليمني للمرأة اليمنية, وهذا هو الإرث التي تحمله بنت بلقيس وأروى, والآن في ساحات الحرية والتغيير تسطر هذه المرأة حكاية جديدة ستضاف لتاريخ الثورة اليمنية, ودور المرأة الفاعل في إنجاحها.
تحية إكبار لأقدامهن الشريفة التي تشارك في الثورة اليمنية الجديدة, فهناك المرأة الطبيبة والممرضة التي تساهم في إسعاف الجرحى, ومن تحرقها الشمس في التنظيم ومتابعة الأغذية, ومن تعمل على التوعية, ومن تهتف ملء صوتها بالقادم للحرية, هنالك المحامية التي تدافع عن حقوق المعتصمين, والرسامة التي ترسم للمستقبل, وهناك المرأة التي تقود المظاهرات ومن تطرز الشالات للعلم اليمني .
وعلى المنصة صوت المكبرات التي تنقل المرأة ـ الشاعرة والكاتبة والقائدة والطالبة ـ إلى قلب التاريخ اليمني المعاصر, ووسط الحشود بعض العجائز اللاتي تبتسم للقادم مع أفواه الشباب المنطلق, هذه المرأة هي من تقود الحشود هناك في ساحات الحرية, وهي التي سيذكرها التاريخ اليمني بكل احترام وافتخار, وستنضم لقافلة النساء الأحرار اللاتي غيرن خارطة اليمن وتركن بصمة لا تنسى, وما أحلى أيام الثورة, وكم سيكون الأسف لكل من فاته قطارها.
وضحة عبده
تحية حرية للمرأة اليمنية 2239