الشيء الأول الذي لم يستطع أن يستوعبه زعماء العرب: هو أن الدولة لم تعد ذلك النطاق الجغرافي، الذي يستطيعون من خلاله سد الأفواه وكبت الأصوات المعارضة, فقد أصبح النطاق الجغرافي لدولة بمساحة الكرة الأرضية، مع توفر وسائل التواصل المتنوعة، وفي مقدمتها الفيسبوك , ربما يستطيع الزعماء أن يقتلعوا الخيام ويعتقلوا ويقتلوا, إلا أن المعترضين سينصبون خيمة بالفيسبوك أو تويتر أو حتى بالماسنجر، وقتها حتى بلاطجة الانترنت، لن يستطيعوا قمع هذه الأصوات كلها أو تشويشها، فقد صار المجتمع العربي ككل خارج نطاق السيطرة القمعية..
الشيء الثاني الذي لم يفهمه الزعماء العرب: هو أن هنالك جيلاً جديداً لم يترب على التعظيم لمقامات السلطة, ولا يعنيه تلك النفخة الكذابة لمواكب الرؤساء العرب, وتفتحت عيونه على عالم جديد من الحرية لا يجدها في وطنه ويجدها في كل العالم من حوله.
نعم فقد تحولت الأرض إلى قرية صغيرة, والدليل هذه الموجة التسونامية من الثورات المتنقلة من بلد لبلد في الوطن العربي, وبشاشة تلفزيونية صغيرة تنقل أحداث أربعة أو خمس ثورات مباشرة, إنها موجة التغيير القادمة التي ستتغير معها آليات التعامل مع الشعوب، فقد أصبحت الآليات القمعية للحكم منتهية الصلاحية, يمكننا فقط أن نضعها في متحف قديم لعصر متخلف ظللنا نقبع تحته لعقود.
الشيء الثالث: إنها ليست معركة سياسية وثأرية بين السلطة والمعارضة (وهذا ما نلاحظه في خطابات ومواقف السلطة)، هناك أطراف أخرى شعبية هي من تؤثر بالأحداث, وسقفها عالٍ وخارج نطاق المساومة والألعاب السياسية, حتى ولو كانت لا تملك منابر إعلامية، إلا أنها من تقود هذه الثورات, وأثبتت الأحداث أن كفتها هي من ترجح بالنهاية.
الشيء الأخير: الذي لم يفهمه بعض الزعماء العرب المتمسكين بالسلطة (كالقذافي وعلي عبدالله صالح ) أنهم سيسقطون يوماً كم سقط غيرهم, وأن الدور سيأتي عليهم, وستقتلعهم الشعوب، كما تقتلع الأرض نبتة خبيثة, ولا أحد استثنائي مهما أعماهم الغرور.
وضحة عبده
أربعة أشياء لم يفهمها الزعماء العرب 1985