مما لا شك فيه أن الثورة في بلادنا أصبحت اليوم مطلباً وطنياً ملحاً لإعادة كرامة وحرية أبناء الوطن المسلوبة منذ عشرات السنين، بل ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من خيرات وثروات هذا الوطن من النهب والعبث، ومن أجل بناء دولة يمنية حديثة تواكب بقية دول العالم في محاربة الفساد واحترام حقوق المواطن وحريته واحترام القوانين واللوائح وبث روح الإخاء والمساواة والعدل بين أوساط المجتمع, ومحاربة كافة الظواهر والعادات التي ساهم هذا النظام في نشرها وترسيخها بين أوساطنا خلال السنوات الماضية مثل القبلية والمذهبية والمناطقية والسلالية والحزبية وغيرها، وهي ما أريد أن أوصلها من رسالة إلى شباب الثورة المعتصمين في مختلف ساحات الحرية والتغيير في محافظات الجمهورية.
وأن قال البعض بأن هذا الكلام سابق لأوانه ولكنها في نفس الوقت حقيقة يدركها الجميع ويسعون لتجاهلها , صحيح أنه منذ بداية الاعتصامات المفتوحة في مختلف المحافظات والى اليوم لا تزال كافة القوى المختلفة التي أعلنت تأييدها وانضمامها إلى ثورة الشباب , تؤكد على أن الثورة التي تعيشها بلادنا اليوم هي ثورة شبابية , وأن الرأي الأول والأخير في أي مبادرات أو حوارات مع النظام هو لشباب الثورة المعتصمين في مختلف الساحات.
لكن ما يجب أن نؤكد عليه اليوم وحتى نطمئن أكثر على نجاح هذه الثورة في الانتقال بنا إلى دولة يمنية حديثة يحترم ويطبق فيها النظام والقانون وتقضي على مختلف الظواهر والعادات السيئة ومخلفات هذا النظام والأنظمة السابقة, لذلك كله يجب على كافة القوى -التي باركت الثورة وأعلنت انضمامها إلى ساحات الاعتصامات المطالبة برحيل النظام- عليها المبادرة في الإعلان عن تعهدها بالحفاظ على الثورة والالتزام بأهدافها المعلنة من قبل الشباب بعد رحيل هذا النظام والوقوف صفاً واحداً في وجه كل من يحاول سرقتها والنيل من طهارتها ووطنيتها، يجب أن تقتدي تلك القوى باللواء/ علي محسن صالح قائد الفرقة الأولى - قائد المنطقة الشمالية الغربية، الذي أكد فور إعلانه مباركة وتأييد ودعم وحماية ثورة الشباب، إنه لا يفكر في السلطة ويرغب في الراحة بعد أن قضى معظم عمره في خدمة الوطن بالقوات المسلحة.
لذا يجب على الأحزاب وفي مقدمتها المشترك أن تعلن تعهدها بعدم سرقة هذه الثورة من الشباب بعد إسقاط النظام , وكذلك هي بقية القوى الأخرى مثل جماعة الحوثي , يجب عليهم اليوم الإعلان عن تعهدهم في حماية ثورة الشباب والعمل على تحقيق أهدافها وعدم السعي لسرقتها سواء قبل أو بعد رحيل النظام، خاصة وقد سمعنا أن هنالك عناصر تابعة للحوثي قد اعتدت على شاب الثورة المعتصمين في منطقة السلمات في محافظة الجوف وكذلك هو الحال بالنسبة للمشائخ والوجاهات الذين أعلنوا انضمامهم وتأييدهم لهذا الثورة الشبابية المباركة.
ما دمت الأهداف واضحة للعيان "دولة مدنية حديثة ونظام برلماني وتعددية سياسية ودستور وقانون يحكما الجميع" لذا أرجو من شباب الثورة الثابتين الصامدين في مختلف ساحات الحرية والتغيير الحفاظ على نقاوة وطهارة ثورتهم وتجسيد ذلك فوراً وبصورة مباشرة من داخل ساحات الاعتصامات.
ولا أخفيكم إعجابي الشديد بأولئك النخبة الرائعين المعتصمين في ساحة الحرية بمدينة تعز الحالمة من شباب وشابات وآباء وأمهات وأطفال وهم يرسمون صورة جميلة لهذا المولود المنتظر , ويجسدون هنالك في ساحة الحرية وشوارع الحالمة أروع قصص النضال السلمي لكل اليمنيين وهذا ليس غريباً على هذه المحافظة وأبنائها المبدعين في شتى مجالات الحياة، فالزائر لتلك الساحة لا يريد مغادرتها أبداً حتى تحقيق الثورة، خاصة عندما يجد أكثر من مليون معتصم في ساحة محدودة، لديهم نفس الرأي والفكرة والهدف والحلم , حتى النوايا , أجزم أنها موحدة وصادقة.
لذا أقول وبكل صدق وحرصاً على نجاح هذه الثورة وتحقيق آمال وتطلعات وأحلام كافة أبناء الوطن في رسم مستقبل مشرق لليمن السعيد يجب أن تتجسد لوحة تعز في مختلف محافظات الجمهورية , كما يجب على كافة القوى السابقة الذكر التعهد بالوفاء للشباب والحفاظ على نقاوة ثورتهم وعدم سرقتها والالتزام بحمايتها وتحقيق أهدافها وإني لأرى فجرها قريباً بإذن الله.
عبدالوارث ألنجري
الرجل القدوة.. وتعز الثورة 1872