الأوضاعُ اليمنية باتت عند منعطف حاسم، المعتصمون في الميادين والساحات أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفهم بإسقاط نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، لاسيما بعد تحول الموقف الأمريكي الذي كان بالأمس القريب متمسكاً بالحوار والانتقال السلمي للسلطة لإنهاء الأزمة، لكن الموقف بدأ بالتبدل مع الوقت، ليصل الى الاقرار بضرورة التنحي الضروري والسريع للرئيس اليمني، فضلاً عن الموقف الأوروبي الداعي للتنحي السريع للرئيس.
المخرج الأخير للرئيس صالح يأتي من المبادرة الخليجية التي قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي نصت على تنحيه وتسليمه السلطة إلى نائبه أو مجلس حكم مؤقت، والحقيقة أن دول الخليج قدمت مبادرتها تلك انطلاقاً من حرصها على استقرار اليمن، وأمنه القومي الذي ينعكس إيجاباً وسلباً على دول المنطقة برمتها. المبادرة الخليجية تـُعد ذروة الحلول للرئيس صالح التي تؤمن له الخروج المشرف والآمن، وتضمن لليمن الانتقال السلمي للسلطة، كما تجنب المبادرة البلاد من الانزلاق نحو حرب مدمرة، ولن يجد الرئيس صالح ضمانات أكثر ثقة ًودعماً من محيطه الاقليمي، لذلك ينظر البعض لهذه المبادرة الخليجية على أنها طوق النجاة الأخير، وفرصة لن تتكرر، ولن يساعده أحد أو ينظر لحاله في حال استمرت الأمور على ما هو. ومن الواضح أن الرئيس صالح يعيش وضعاً صعباً بعد وقوف كبرى قبائل اليمن حاشد وبكيل ضده، وبعد انشقاق اللواء علي محسن قائد الفرقة الأولى مدرع ودعمه لثورة الشباب، وانحياز غالبية جنرالات الجيش ومعسكراته مع علي محسن ضد الرئيس، الذي لم يبق معه إلا بعض وحدات الحرس الجمهوري وبعض فرق الأمن المركزي. اليمن يمر بظروف صعبة ومتفجرة ولن تحتمل الأوضاع المتوترة الحالية استمرار الرئيس لفترة أكبر من هذه، لاسيما مع اتساع نطاق التظاهرات في صنعاء وتعز وعدن والحديدة وبقية المدن اليمنية، وتصاعد أعمال العنف وقمع المتظاهرين وسقوط المزيد من الضحايا، فضلاً عن حالة الاحتقان الشديدة والتمترس العسكري، لذلك نتمنى أن يكون التحرك الخليجي سريعاً لانقاذ أشقائنا في اليمن. صالح أصبح بلا شرعية داخلية، ولا اعتراف خارجي، والمماطلة لم تعد في صالحه، فالمخرج المشرّف المطروح اليوم، والذي يؤمن عدم ملاحقته أو أي من أفراد عائلته، قد لا يدوم طويلاً، لتأخذ الدعوات الخارجية إلى تنحيه منحى آخر، قد يكون بلا أي ضمانات. أخيراً نثق بذكاء الرئيس صالح وإدراكه لخطورة المشهد وأنه سوف يلتقط المبادرة الخليجية ولن يفوتها لتضمن لليمن وللرئيس مخرجاً مسلماً وشريفاً لجميع الأطراف.
المصدر: العربية