لو كُبّل الإنسان بالقوانين واللوائح، لو فصّلت على جسده وألبس إياها.. لو التهمها ومضغها وهضمها ومزجت بدمه، لاستطاع أن ينفذ منها ويخالفها ويضرب بها عرض الحائط، ما لم يحاسب نفسه بنفسه ويقنن أفعاله وسلوكه ويقتنع اقتناعاً ما بأنه الخصم والحكم.
فليس هناك عدل أنقى وأصدق من حكم أحدنا على ذاته.. هذا إذا حصل أن تجاوزنا القوانين واللوائح، أما إذا لم فيجب أن يكون الضمير هو كابح السلبيات والمخالفات والتلاعب قبل وقوعها.
ضميرنا ليس شيئاً كمالياً لنزين به آدميتنا وإنما رقيب ذاتي على سلوكنا.. إنه أقوى القوانين إذا صحا أما إذا خرس صوته فقل على إنسانيتا السلام.
"عذاب الضمير" عند كثيرين كشف ما لم تستطعه كل قوانين الأرض ووسائلها الرادعة وأعاد حقوقاً في كثير من قضايا البشرية كادت أن تطمس، إذ عجزت القوانين بكل أشكالها وعلى مدى طويل كشف عن حقائق قضايا صعبة ومعقدة للغاية.
الإنسان بطبعه ميال للتحدي، ميال للمغامرة، تحدى في كثير من الأحيان قوانين الأنانية وحب الاستئثار، حيث يرى أنه على حق وكل رادع لحريته استبداداً لحقه في اختطاف أبسط الأشياء.
وهنا تتجلى آدميتنا إذا ما حولنا التحدي إلى قوة خارقة لمجابهة استئثارنا الشخصي وحولنا أنانيتا الشخصية إلى أنانية ضد جشعنا.. وحباً تجاه إخواننا.. القانون قادر على الردع مرة.. ومرات.. ولكنه لا يستطع انتزاع بؤرة الشر منا.
لكن إذا ما تظافرت الجهود وتكاتفت القوانين الوضعية وكوابح الضمير.. وحاكمنا أنفسنا على كل فعلة مهما صغرت.. حينئذ يمكن التغلب على المخالفات والمزالق.
يجب أن يسود قانون محاسبة النفس ذاتياً، دون تلكؤ ودون أنانية، فالإنسان المذنب بكل بساطة، يستطيع أن يعرف إن كان مذنباً أم لا.. والله من وراء القصد.
alhaimdi@gmail.com
محمد الحيمدي
قانون محاسبة النفس!! 1495