قبل أشهر كنا نحن كشباب لا ندرك مقدار ما وصل له الدستور في بلادنا من انتهاكات, الأحداث الماضية خلال شهر واحد فتحت أعيننا على الكثير من الأشياء المنتهكة في بلادنا, فغير التعديلات الدستورية التي اخترقت سوى ما يتعلق بصلاحية الرئيس وسلطاته, نواجه وجهاً لوجه ماذا يعني أن تكون العائلة هي من تقود الجيش؟ وماذا يعني أن تتركز السلطات بيد شخص واحد؟.. ما أدركناه في الأيام الماضية ومع سقوط قتلى صنعاء وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد فتح أعيننا على حجم المأساة، التي نعيشها في هذا البلد المحكوم بالحديد والنار لو طالب أحد بالتغيير أو قرر أن يستبدل الحكم.
هذا الدستور المليء بالخروقات يتحول بأمر شخص إلى بارودة مصوبة بوجه كل معترض, وهو اليوم موجه لصدور المعتصمين في كل المحافظات, لمن وضع هذا الدستور؟ ولمصلحة من ؟، وهل هذه النقاط التي فيه تخدم اليمن اليوم أم تخدم الحاكم وحزبه وحاشيته؟.
للأسف نحن نعيش في أمية سياسية, أغلب الناس لا يدركون شيئاً عن بعض النقاط الدستورية, ولا يدركون ماذا يعنى قانون إعلان حالة الطوارئ, وهذا هو المقصود أن يتم تجهيل الشعب اليمني عن ماهية هذه النقاط، فالوعى والفهم في هذه البلد هو العدو الأول الآن لحاشية الأسرة في بلادنا الجمهورية, ولأننا نعيش هذا الجهل لا ندرك مقدار الظلم الذي لحق بنا كل هذه الأعوام الماضية..
هذا الجهل نفسه الذي حكم به الإمام/ يحي وابنه أحمد اليمن, وهو نفس الجهل الذي جعل الناس وقتها تطالب بقتل (الثلاياء)، ليقول قولته المشهورة "عجباً لشعب أردت له الحياة.. فأراد لي الموت"، حينما تشعر بالحرية تدرك معنى العبودية وحينما تعرف حقوقك تدرك متى تظلم, وعندما تكون جاهلاً فلن يفرق عندك شيء وربما تصبح عدو نفسك وأنت لا تدري؟.
حالة الفقر التي نعيشها أيضاً جعلت من الناس لا تفكر إلا بما يسد رمق عيشها, وتوكل أمر البلاد بأي شكل لمجموعة وفئة أياً كانت مادام يؤمن استقراراً نسبياً ولو كان متأرجحاً للأوضاع, وصارت اليمن وغيرها من الشعوب العربية طوال فترات الحكم ترفع مسؤوليتها بالتدخل عما يحدث في أمور البلاد, وهذه الحالة التواكلية هي السبب لما وصلت إليه أحوالنا الآن.
إذا كان هذا البلد لشعب, والقانون والدستور من أجل الشعب, فلماذا تغيب الشعوب عن المشاركة والتدخل؟, ولماذا تفرض الوصاية التأبيدية للحكم؟ ولماذا الآن تخرج كل هذه الأصوات في كل المحافظات وتقابل بهذا القمع والإرهاب باسم الدستور ومواده؟.. أليس الذين خرجوا من الشعب أم أنهم من بلاد مجاورة؟.
لقد انتهت صلاحية هذا النظام لحكم اليمن منذ أن بدأت اختراقات الدستور وتمديد فترة حكمه لليمن, وهاهو اليوم يلعب بأوراق الدستور ويخترقه بقانون قمعي يجيز كل سطر فيه الجريمة ويبررها بكل شكل وتحت أي مسمى, إن هذا الكرت هو الورقة التخويفية الجديدة التي ستمارسها السلطة لإسكات كل الأصوات المعترضة في بلاد تدعي الديمقراطية.
وما حصل في مجلس النواب من تزوير لإقرار هذا القانون وما حصل قبلها.. يؤكد لنا أن اليمن كانت ولفترة طويلة تعيش في قانون طوارئ, وأعتقد أن أول منجز لابد أن تحققه الثورة اليمنية هو حذف هذا القانون القمعي وتعديل صلاحيات الحاكم وفصل السلطات وأن يسلم زمام الحكم للشعب فعلاً وليس للمتحدث باسمه.
.........
لشباب اليمن الرائع:
قابلناهم بالورد وقابلونا بالرصاص.. قابلناهم بالسلم وقابلونا بالحرب, كانت صدورنا عارية مفتوحة وكانت بنادقهم مصوبة.. ستظل ثورتنا شبابية سلمية مهما حاولوا.
وضحة عبده
قانون الطوارئ.. للشعب أم للحاكم؟! 2011