ندورُ حول أفلاكنا كثيراً.. نعطي وزناً لأشياء ليس لها وزن بالفطرة ونتجاهل أموراً تزن ثقلاً قد ينوء بحمله جبالٌ وجبال.. حين أسمع في كل عام حدثاً ساخناً حول إعدادات عريضة لحدث صنع جيلاً وكتب تاريخاً بأقلام من مومياء يمنية توشحت ثورة من الحب حتى صنعت وطناً جميلاً وعلقته علة وجه الأرض وأسمته يمناً واحداً.. حين أسمع كل ذلك تأخذني الدهشة من أولئك الذين يشعلون النار في جسد الهجير!.. يحملون على رؤوسهم ما لا تحمله إلا أقدام البشر!.. يشهرون صدورهم في وجه ظهورهم.. يحاربون أنفسهم ولا يملكون لسواهم ضراً ولا نفعاً إلا بإذن الله.
أولئك الذين لا يكفيهم أن يعيش الناس شظفاً.. ويلقون كلفاً.. ويأكلون علفاً.. فزادوا وسلبوا منهم الأمن والأمان.. وبدلاً من أن ينطرحوا على أعتاب الحوار ويجربوا مبدأ العقلانية ويكون الوطن هو قبلة يصلي نحوها الجميع.. جعلوا الوطن حفرة يقع بداخلها الجميع إلا ما شاء الله.. وجعلوا من مبدأ الوطنية وسيلة للحصول على ما تشاء أنفسهم.. لقد صوروا لنا الوطن مشروعاً استثمارياً لشركاء شاءت لهم الأقدار أن يفترقوا وها قد آن أوان الاقتسام.
وحين كان البطش بالناس قاضيهم والحجة الواهية محاميهم سقطت القضية وارتفع صوت المجني عليه "الوطن" وهنا لا بد أن تقف القصة التي ألفتها فئة ظالمة وعرضتها للعيان أيادٍ أظلم وصفق لها المتسولون باسم تجارب الماضي.
إنهم باختصار ذلك المولود الذي قذفته الأطماع شهوة في رحم الملاحم الأثيرة حول أضرحة الاحتلال التي شكلها الاستعمار البائد وها هي عروقه تظهر عبر أجيال جديدة لا تعلم عن التمشرك والتمحرك شيئاً إلا أنها أسماء مدونة في قاموس السياسة بعضها ضارب في جذور القضية وبعضها أجتثه الرياح بعد أن بذرته يد الأيام.
ليتني وإياك أيتها المرأة اليمنية المخلصة لوطنك، المؤمنة بأمانه واستقراره.. ليتني وإياك نبدأ من اليوم فصاعداً بزرع بذور الوطنية الحقة على أرض تلك القلوب الصغيرة التي نرعاها أنا وأنتِ.. إنها أمانة حملتها وإياك بين أحشائنا وحين انتهى مخاضنا ونسينا آلامه وتباريحة حملناها داخل قلوبنا وعلى عواتقنا.
نعم.. فمن سيغرس النبل والفضيلة، من سيرسم على وجوه هؤلاء الأبناء ذلك الألق وتلك السعادة؟! ومن سيواري عنهم قدوة بغيضة ويدفعهم لإتباع قدوة صالحة؟!.. من سيحتفل معهم بالفرح ويشاركهم الخطو على طريق النجاح؟! من سيعلمهم أن الوطن ليس خطاباً.. شعاراً.. أغنياتٍ تُغيب؟! أنا وأنتِ نفعل ذلك، بل نفعل الكثير سوى ذلك مما شأنه أن يرفع الوطن إلى أقصى درجات السمو.. فقط أبدأي من الآن تهجأته "و.. ط.. ن" وطن..
إلى أن ألقاكم:
علقت كل شموعي في منازلكم ** وفي دروبكم وزعت أقماري
وكلما عصفت ريحي بساحتكم ** آويتكم بضلوعي وهي كالنارِ
حتى مضى جُل أيامي وما كشفت** أستار ليلكمو الكهفي أنواري
عشرون عاماً تقضت، ليتها رجعت**لكي أبدل آرائي وأفكاري
ألطاف الأهدل
وطن........... 1892