قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني.. وعندما سأله سلمة قائلاً: يا نبي الله أرأيت إن قام علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فقال رسول الله اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم".
وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم.. قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة.. لا، ما أقاموا فيكم الصلاة".
إذا نظرنا إلى هذه الأحاديث النبوية الشريفة فإن كلها تصب في مسار واحد وتؤكد أن الإسلام الحق هو الامتثال والانصياع لما أمرنا به.. فما أمر به الرسول فخذوه وما نهى عنه فاجتنبوه واحذروه.. وها هو يأمركم بالطاعة وعدم الخروج عن الجماعة وينهاكم عن المنابذة وشق عصا الطاعة لما فيه من الانقسام والتفكك وهي أمور لا تتفق ومنهج الإسلام الحق الذي يحث على تعزيز روابط الأخوة والمحبة والتلاحم بين أفراد المجتمع، وبأن المسلمين أولياء بعض وهم كالجسد الواحد في تراحمهم، وكالبنيان يشد بعضه بعضا.
وإذا كان ربنا عز وجل يقول في كتابه الكريم: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
وما دمنا قد أمرنا بطاعة الرسول وأولي الأمر.. فما هذا الذي نراه اليوم من الخروج على ولي الأمر وأين نحن من طاعة ربنا وطاعة رسوله الذي أكد مراراً على هذه المسألة.. حيث نجده قد أولى هذه المسألة أهمية بالغة وأكد عليها في أكثر من مناسبة وها نحن نقرأ قوله عليه الصلاة والسلام:" على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية.. فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".
فماذا بعد ذلك يا أمة محمد؟ أليس في خروجكم مخالفة واضحة وصريحة وارتداد بيّن لما أمر به رسولكم؟.. فهل امتنع عن أداء الصلاة وأمركم بالمعاصي؟ أم أن بيوت الله العامرة شاهدة له لا عليه؟ وكيف ستكون الإجابة بين يدي الله ومن تطلبون شفاعته –عليه الصلاة والسلام- القائل: "من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له".. و" ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية".. و"عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك"، ونحن إن كرهنا وأوذينا.. فمن الفاسدين ومن بعض الوزراء المتقاعسين والمحافظين العاجزين ومن تجار جشعين.. فلما لا نكون له عوناً على الإصلاح والتغيير.
بل وحتى إن كره الناس من ولاّه الله أمرهم في شيء.. فإن الله عز وجل قد تكفل بمحاسبتهم على تقصيرهم في حق العباد ويقول الرسول :" أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم.. فإن الله سائلهم عما استرعاهم"، وفي هذا أكد على الوفاء بحق ولي الأمر.. بل إنه قال أيضاً :"إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا" وقوله:" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب.. فله أجران وإن حكم واجتهد فأخطأ فله أجر".
إذن فلماذا لا يجد منا إلا سهاماً وجحوداً؟، ويقول ربنا تبارك وتعالى :" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علّواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين".
وما دام الأمر كذلك والخروج فساد ومغضبة لله ولرسوله.. فلماذا تغيب النصيحة وما الذي يستفيده الخارج عن منهج ربه وسنة نبيه الذي قال أيضاً:" من كره من أميره شيئاً فليصر، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية"، ويقول صلوات ربي وسلامه عليه: "من أهان السلطان أهانه الله".
وبما أن الأحاديث كثيرة وأنتم تدركون أهمية وحدة الصف والتماسك وتطبقونها في بيوت الله عند إقامة الصلوات.. فلما لا تطبقونها خارج بيوت الله طاعة لله ولرسوله وأنتم تجوبون الشوارع والطرقات التي حذر منها رسول الله حين قال: " إياكم ةالجلوس في الطرقات قالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا من بد نتحدث فيها، فقال: فإذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" والمبايعة الحقة تكون بالنصح لكل مسلم.. فمن وصل صفاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله.
ونستمع إلى الأصوات الناصعة والمحققة للنجاة وهي كما قال رسول صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر عندما سأله عن النجاة.. فأجابه قائلاً:" أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك" وأعلموا " أن العبادة في الهرج كهجرة إليّ"، ثم أن الخروج ليس له ما يبرره.. فجميعكم يمتلك قوت يومه فضلاً عن حق "التخزينة".. فاتقوا الله ولا تقودوا البلاد للهاوية.
بقى أن أذكركم أن الخروج معصية يزينها الشيطان ويجملها والتجمع في الطرقات والأسواق لغير حاجة ليس منه خير.. فقد نهاكم الرسول عن ذلك بقوله " لا تكن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها.. ففيها باض الشيطان وفرّخ" أي أن فرحات الشيطان ونفذ سمومه بين العباد وتفريقه بين المسلمين إنما يكون عندما يجد في النفوس ضعفاً وحباً للدنيا ولهثاً خلف نعيمها الزائل.. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك.. وجحيم سخطك.. ونعوذ بك من شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه.
عفاف سالم
عباد الله طاعة ولي الأمر واجبة في الكتاب والسنة 1932