ما أعظمك يا شعب مصر، فقد انتصرت رغم القمع والبلطجة والتآمر، فكان نصراً عظيماً لمصر، ولشعبها العظيم، وللشعب العربي، وللحقيقة، وللوعي، وللإنسانية، فهنيئاً لك ولنا جميعاَ بهذا النصر العظيم!
انتصرت مصر وشعبها العظيم، وأزاح الشعب المصري كابوساً ثقيلاً طالما جثم على صدره، وكتم أنفاسه، وولغ في دمائه، وسحق عظامه، ونهب أمواله وقوت يومه ورزقه، وصادر حقوقه، وتآمر على الشعب الفلسطيني ومقاومته، وتواطأ مع الأعداء على أمتنا العربية، وضرب أسوأ مثل في الفساد والاستبداد، وانتهك كرامته طيلة ثلاثين عاماً انتهت اليوم عندما نجحت الثورة المصرية في خلع مبارك ونظامه، ليكتب اسمه في سجل الطغاة الظالمين والعتاة الفاسدين والمتواطئين مع أعداء الأمة العربية.
وانتصرت الثورة المصرية، وتحدت الأراجيف والمؤامرات، وتغلبت على الفوضى والبلطجة، وحافظت على ممتلكات الشعب المصري ومقدرات مصر، واستأصلت شأفة مبارك ونظامه الفاسد وحزبه البلطجي وأزلامه اللصوص والفاسدين والعابثين، وبعثت الأمل في نفوس أبناء الأمة العربية بقرب اليوم الذي تتخلص فيه من الظلم والاستبداد والفساد والظلام، وقذفت الرعب في قلوب الطغاة والمستبدين والمفسدين الذين يضطهدون شعوبهم ويسرقون أموالهم ويعبثون بمصيرهم، وأصابت بالذعر الشديد أعداء أمتنا اليهود والصهاينة والصليبيين الجدد وعملائهم، وطوت صفحة الاستكانة والخنوع للطواغيت.
وانتصر الشعب العربي، وأيقن أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق التغيير الذي ينشده، وإنجاز الإصلاح الذي يطمح إليه، وتحقيق أهدافه الوطنية والقومية، وإعادة الاعتبار لنفسه، واستنهاض الأمة العربية، وتحرير نفسه وأرضه وإرادته السياسية، وبناء حضارته الحديثة، والقيام بدوره الحضاري في إنقاذ البشرية من الظلم والفساد والاستبداد والضلال.
وانتصرت الحقيقة، وانكشف الباطل، وتعرى الزيف والكذب، وظهرت الوجوه الكالحة المقنعة على حقيقتها، وتم وضع اليد على الأمراض والأوجاع، وعرف الشعب العربي مكمن الضعف، ومكمن القوة، وعرف كيف يحقق طموحاته وتطلعاته ويشق طريقه نحو النور والحرية.
وانتصرت الإرادة الشعبية، وصمدت أمام الدعاية السوداء والشائعات الخبيثة، واستعصت على الانكسار، وتحدت البلطجة والعنف والوحشية، وهزت عروش الخاطفين للشرعية والعابثين بها، وأرسلت لهم رسالة بليغة، عسى أن يعوها إن كانت لهم قلوب أو عقول، وهي أن لا شراعية تعلو فوق شرعية الشعب، ولا قوة تستطيع الوقوف أمام الإرادة الشعبية، ولا أمن أو مخابرات أو استخبارات أو بوليس سري أو علني يحول دون اندلاع الثورات الشعبية، ولا نظام مستبد أو جهاز قمعي يستطيع منع استمرار الثورة الشعبية أو التغلب عليها حتى تحقيق أهدافها.
وانتصر الوعي، فلم تمر على الشعب المصري الثائر محاولات ترقيع النظام المخلوع أو إطالة عمره أو إعادة ترميمه أو تدوير رموزه، ولم ينجر الشعب المصري وراء العنف والبلطجة والفوضى، ولم تنزلق الأحزاب والقوى السياسية المصرية في مستنقع الخلافات والفوضى الهدامة، وأبدى الشعب المصري وعياً عميقاً، وهذا ليس مستغرباً، فالمصريون هم أساتذة العرب والعالم.
وانتصرت الإنسانية، لأن الإنسانية تتحقق بدحر الطغاة وأعداء الإنسانية ممن يعتدون على الأمم ويهيمنون على الشعوب ويحتلون بلادهم ويعتدون عليهم ويسرقون أموالهم، والإنسانية تتحقق بإنصاف الشعوب ورفع الظلم عنها وتركها تحكم نفسها وتقرر مصيرها في هذه الدنيا، وهذا ما نأمل أن تحققه ثورة مصر ليس فقط لنحو ثمانين مليون مصري، ولكن لأكثر من 300 مليون عربي.
يا مصر أنت الروح يحيي أمتي
قودي العروبة والكرامة صوني.
محمد إسحاق الريفي
ما أعظمه من نصر مبين! 1433