إن الأوضاع في البلاد أخذت بالتدهور إلى الأسوأ، وزادت حالات الانفلات الأمني في بعض المحافظات والمديريات، واستشرى الفساد المالي والإداري في كل مرافق الدولة بشكل فضيع، وارتفاع غلاء المعيشة، وتوسعت
رقعة البطالة والفقر .
وازدادت المماحكات والمكايدات السياسية بين الأحزاب والتنظيمات السياسية المنطوية في الساحة اليمنية ككل سواء منها القانونية أو غير القانونية، حتى أن بعضهم أصبح لا يكاد يفرق بين ما يجب تصحيحه وبين ما يجب
الحفاظ عليه، بين ما يجب تغييره وبين ما يعتبر ثوابت وطنية .
فكل صياحهم ولياحهم على النظام القائم وعلى الحكومة، فهذا لا خلاف عليه لأنهم هم من يتحملوا المسئولية عن كل ما يدور، ولكن إن البعض أصبح اليوم يخلط الأوراق بين ما يجوز وما لا يجوز، بين ما يهم الجميع وهو
الوطن وما يضر الجميع وهو الفساد .
وأصبح بعضهم يسيء للوطن والوحدة والشعب اليمني على حساب ما يدور من سلبيات وأخطاء وفساد يمارسه شلة من المتنفذين والفاسدين اضروا هم أصلاً بالوطن والوحدة والشعب قبل غيرهم من عامة الناس .
نعم لقد وجدنا من يسب ويشتم وطنه ووضعه المتدهورة، ويرجع السبب على الوحدة والثورة، طبعا هذا يؤسفنا ويحزننا كثيراً لان انتصار الثورة وتحقيق الوحدة لم يكن من قبيل الصدفة بل أنها كانت بتضحيات جسيمة من
الشعب وليس من الفاسدين الجاثمين على كراسي المسئولية .
ويؤسفنا أكثر لأنه عندما نسألهم لماذا تلقون اللوم على الوطن ووحدته ؟ يذكرون ويسردون سلبيات الوضع الراهن والفساد، وأخطاء النظام القائم والحكومة، وكأنه الوطن هو من يتحملها، وهو السبب فيها، وهو من يفعل هذه
السلبيات والأخطاء ويرتكب الفساد .
وكأنه ليس هناك قيادات ومسئولون يرتكبون تلك الحماقات، ويتسببون في تلك الأوضاع واستشراء الفساد، فلابد أن نفرق بين هذا ذاك، وأن نرفع أصواتنا لمحاسبة الفاسدين والمتنفذين والمخربين وإصلاح أوضاع البلاد ككل،
ونعمل على الحفاظ على وطننا ووحدتنا الوطنية وشعبنا اليمني .
هذه هي الحقيقة، فعندما نتحدث عن حبنا وولاءنا للوطن والوحدة، ونبوح بروح الانتماء الوطني، وأهمية الوحدة، وضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار، ونبذ ثقافة الحقد الكراهية، ورفض الفوضى والتخريب، فإننا نجد من
يرد علينا بأن هذه مزايدات لا تخدم إلا النظام .
ويقول أنتم مع الفساد، أو قد يكون حزبكم ، أو أنتم مع النظام وكأن الوطن أصبح باسم هؤلاء الأشخاص فقط، وغيرهم من الشعب ليس أمامه إلا زعزعة الأمن وتخريب البلاد والفوضى .
فأصبح ليس هناك تفريق بين الحكومة والسلطة وبين الوطن ومعنى الوحدة ومصالح الشعب، بالتأكيد هذه النظرة قاصرة وقاصرة جداً، لأنه نحن الشعب الذي يحافظ على وطنه ومصالحه ونقول للفاسد فاسد والمخرب مخرب،
والوطن فوق الجميع يرضى من رضي ويأبى من أبى .
نعم يجب أن نقول كلمة حق.. يجب أن نعمل من اجل التغيير وإصلاح الوضع القائم.. يجب أن نسلك الخيارات السياسية والديمقراطية المناسبة للتغيير.. يجب أن نعزل الفاسدين ونواجه الحاقدين, ولا نترك لهم
الفرصة في تسيير مصالحهم ونهب الثروات بالفوضى .
يجب أن نقف إلى جانب الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار وعليها أن تحمينا.. وإذا حاولنا أن نلامس هذه الأوضاع ونبحث عن معالجاتها وفق واقعنا لتمكنا من تغييرها، ولأدركنا أن الوطن والوحدة بريئان عن كل
ما يدور كبراءة الذئب من دم يوسف .
فيجب أن يعلم الجميع أن هناك أحزاب وتيارات سياسية تتصارع من اجل الحكم، وهناك أشخاص يبحثون عن مناصب وزعامات بعضهم يشغلونها وآخرون يعزلون منها، وصلاحيات السلطات تنقل من جهة لأخرى .
وانتخابات تأتي وأخرى تذهب، وتتغير التقسيمات الإدارية للمحافظات والمديريات فتضاف محافظات وتدمج أخرى، يتغير نظام ويأتي نظام، يرحل رئيس ويخلفه أخر، تتغير حكومة وتعقبها حكومة، تضاف قوانين وتلغى قوانين،
تحدث إشكاليات هنا وهناك .
إلا أن القاعدة الأساسية واحدة ويجب أن تبقى وهي الوطن.. الوحدة.. الجمهورية.. الديمقراطية هي ملك لجميع الشعب اليمني دون استثناء ويجب أن نحافظ عليها ونصون ممتلكاتها ومنجزاتها لجيلنا وللأجيال من
بعدنا .
وهيب الذيباني
الوطن للجميع..! 1842