غالباً ما يُعتقد في مجتمعاتنا أن الخطوط التي يتركها أطفالنا الصّغار على الورق البيضاء ما هي إلا (شخابيط) لا معنى لها , وتعتبر نوعاً من أنواع العبث الطفولي لشغل فراغهم, بل إنها الحقيقة استكشاف لذاتية الطفل والبيئة التي تحيطه بالطريقة التي تتناسب مع سنه.. لذا نجد أن هناك اختلافاً في الخطوط والأشكال من طفل لآخر.. فهذا الطفل يقوم بالضغط على القلم وبتوتر فتظهر خطوطه قوية غامقة متكسرة فتعكس هنا إنفعال الطفل الذي يظهر على أوراقه , والطفل الآخر نجده بعكس الآخر فنراه يخاف من الفراغ الأبيض الذي في الورقة ويذهب إلى زاويتها ويضع شخبطته هناك بالوقت الذي نترقبه يناظر من حوله عله يجد من يقوم بتشجيعه ليستمر بما هو عليه,, وهناك من الأطفال من يقوم بالشخبطة على الكتب الثمينة والمجلات والجدران والأبواب دون تفكير أو خوف من أحد خشية التصريخ عليه..
إن تلك الشخابيط ما هي إلا خيوط الإبداع يجري وراءها الطفل مستعيناً بها ليثبت ذاته ويسجل ملاحظاته ونفسيته التي تأثر بها من بيئته في داخل المنزل و خارجه.. ومع الأسف كثيراً ما يصطدم الطفل بقصور البالغين ثقافياً ونجدهم يسخرون من رسوماته ويصنفونها بالعبث, بل ويعكسوا جهلهم بعصبياتهم على الطفل في وقت مبكر.. ويعطوا له صوراً جاهزة لتلوينها أو لنقلها وهي أساساً لا تتفق مع سنه ولا مع رغبته بدعوة أنه يعلمه الرسم أو يلهيه عن عبثه الذي يعتقده.. وهذا شيء خاطئ في السن المبكر للطفل مادون المدرسة النظامية لأنها تفقده شخصيته النفسية والفطرية لحبه للخط واللون وتدخله في مناخ مصطنع.. فيفقد بعدها الطفل حقوقه الإنسانية التي كان من حقه أن يعبر عن نفسه بأدواته المناسبة له ويتحدث بخامات الفن التي تتدفق من ينابيع صدره من ملاحظات وانفعالات ومفاهيم وأفكار مهما قل شأنها في نظر البالغين..
يقول أحد الأساتذة بكلية التربية الفنية بجامعة حلوان: ( آن الأوان أن نفسح في برامجنا للأطفال في مرحلة الرياض الفرصة للتعبير الفني ونيسر المعلمة الفاهمة والخامات والأدوات والكتب الملائمة التي تأخذ الطفل نحو آفاق أوسع وأرحب ونيسر الرحلات إلى الطبيعة الخضراء كالحدائق الغناء حيث يرى الزهور بألوانها وأوراق الشجر بتنوعاتها وملامستها , والأشجار والنخيل الباسقة وكذا الحيوان والطيور والأسماك والفراش ليتأمل الطبيعة بجمالها التي صنعها الخالق الأعظم فيرتشف منها بقدر ما يتجاوب معها).
ماجد الهتاري
رسوم الأطفال رموز ومفاتيح ودلالات نفسية 2121