مؤلم هو حال مصل ومؤسفة ومحزنة الأحداث والمنعطفات التي تعيشها "أم الدنيا" أكثر من "150" قتيلاً تقريباً وآلاف الجرحى في أقل من أسبوع.. مصالح حكومية مدمرة وشبه مدمرة.. هرج ومرج.. ذعر وخوف وأجواء مرعبة.. آلاف السجناء يفرون من السجون المصرية.. بلاطجة وقطاع طرق يهاجمون الأحياء والشوارع السكنية ويثيرون الرعب في نفوس ا لمواطنين والآمنين في القاهرة والسويس والإسكندرية وغيرها من المناطق الأخرى في مصر؟! هذه مشاهد ملحوظة وأكتب ثورة الغضب الشعبي لأبناء مصر ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نعزو ونربط بين هذه الثورة وبين المشاهد المؤلمة التي ذكرناها والموجودة اليوم في مناطق ومحافظات مصر؟!.
لا أعرف الشيء الكثير عن مصر وعن أحوالها وشؤونها المختلفة إلا أخباراً عن البطالة المتزايدة فيها عاماً بعد عام وظروف معيشية صعبة مؤلمة يعاني منها الغالبية العظمى من سكان مصر.. إضافة إلى ما تمثله مصر كدولة لها حضارة عظيمة يتجاوز عمرها السبعة آلاف عام وأخباراً أخرى في مجالات عدة؟!.
ولعل من الأسئلة التي تطرح نفسها بالحاح هنا هي: إلى أين تؤول تطورات الأوضاع في مصر؟ وما هي الحلول والمعالجات المطروحة لتجاوز المرحلة الخطرة والصعبة؟ وما هو موقف ا لإدارة الأميركية؟ وهل سيستمر هذا الموقف الحذر تجاه الأحداث الجارية؟ وهل يفيد تعيين عمر سليمان كنائب للرئيس وإقالة الحكومة السابقة؟.. جملة من الأسئلة تطرح نفسها.
ومن منظور يقرأ الأحداث والمستجدات نجد أن الشعب المصري مثلما عرف عنه شعب عظيم ثائر لا يقبل الظلم وإذا هب كانت هبته هبة لا ترحم الظالم ولا تعرف مستحيلاً أمام المتجبر.. والقارئ لتاريخ الشعب المصري العظيم سيعرف وسيتأكد من هذه الحقائق الموثقة تاريخياً ومن خلال ما حدث ويحدث يتجلى ببساطة أن الشعب المصري قد حدد خياراً وحيداً لا ثاني له ألا وهو تغيير النظام السياسي بنظام آخر يحقق الآمال والتطلعات وإن كان هناك من إجراءات اتخذت من قبل القيادة المصرية فهذه رفضها ويرفضها الشعب المصري؟!.
من الأمور التي نود قولها هنا بكل وضوح ومن واقع ما تمر به مصر من أحداث ومنعطفات فإننا نرى أن تحترم الإرادة الشعبية لأبناء الكنانة من قبل القيادة السياسية المصرية وأن تتخذ الإجراءات والتوجهات التي تحمل تغييراً بواقع آخر.. الإرادة الشعبية أقوى وأكبر من إرادات الحكام والساسة.. وبدلاً من نزيف الدم وسوء الأوضاع وتدهورها هناك حاجة ماسة وضرورية إلى تغليب لغة العقل والمنعطف وعدم تطور الأحداث إلى الأسوأ والأخطر؟!.
الإدارة الأميركية صرحت بأنها تدعو مبارك إلى إصلاحات عميقة وكبيرة في الواقع المصري سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وهو موقف يرى فيه الكثير من الملمين بشؤون السياسة موقفاً ضبابياً يميل بدرجة كبيرة إلى القيادة المصرية والرئيس مبارك وهم بذلك أي الأميركان كالذي يدعو إلى استمرار أوضاع وأحوال مصر على ما هي عليه باعتبار أنهم يريدون لمصر الضعف والهوان وإن لم يعلنوا ذلك صراحة.. والسبب في ذلك بسيط ومعروف ألا وهو الدور الكبير والمحوري لمصر في القضايا العربية وبما يخدم مصالح الكيان الصهيوني الذي جاءت أحداث مصر بالسعادة والسرور له ولمخططاته.
ما يحتاجه أبناء مصر اليوم هو تعزيز الوحدة الوطنية والعمل على ما يخدم مصر ومصالح مصر ودور مصر الذي وإن كان قد ضعف في سنوات خلت.. إلا أنه دور كبير ومهم وبارز ورئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي؟! عاشت مصر وعاش شعبها ودعواتنا القلبية الصادقة في أن تتجاوز مصر وشعبها أحداثها المؤسفة.. ودعوة للحكام العرب البعيدين عن قضايا وهموم شعوبهم.. أما آن لكم أن تفهموا وتتوجهوا إلى ما يعالج هذه القضايا والهموم أم أن فهمكم سيأتي متأخراً مثلما فهم زين العابدين ومثلما دفع بالآلاف من أبناء مصر إلى المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة ضد الظلم وكبت الحريات والطغيان والجبروت الذي عانوا منه في ظل نظام مبارك.. هل فهمت الدروس والعبر أم أن براكين الغضب الشعبي شهب حاملة التغيير الذي يحقق الآمال والتطلعات.. وإلى لقاء آخر إن شاء الله.
نايف زين اليافعي
مصر وثورة الغضب الشعبي 2706