البطالة واحدة من المشاكل الكبيرة والمؤلمة والقاسية التي تعاني منها غالبية الدول العربية وهي مشكلة تشهد نسباً متزايدة عاماً بعد عام، لاسيما بلادنا التي تعاني معاناة كبيرة لا تخفى على أحد؟!.. ولعل واحداً من الأسباب المهمة والبارزة في هذه المشكلة وزيادتها في دولنا العربية وتحديداً الدول ذات الأنظمة الجمهورية يعود في رأيي إلى الفساد المالي الهائل وإلى جعل مقدرات وثروات هذه البلدان في متناول أفراد يسخرون هذه المقدرات والثروات لمصالحهم الخاصة.. فيصبحون في ثراء فاحش.. أما أبناء هذه الشعوب.. فلا حول ولا قوة لهم.. في فقر وبطالة وظروف صعبة، وكلما مر عام وأتى آخر رأوا أمامهم ذلك الحاكم ومجموعته المحيطة به دون تغير أحوالهم أو تحسن معيشتهم؟!.
ثورة الغضب التونسي:
ما حصل في تونس من أحداث وتطورات تابعها ويتابعها الجميع تعكس ولا تظهر الإرادة الشعبية التي هبت كإعصار هائل اقتلع النظام الحاكم إلى غير رجعة.. إرادة شعبية ضاقت ذرعاً من جملة التصرفات ولتوجهات التي لا تلقي بالاً ولا تعطي أهمية لأبناء الشعب التونسي.. إرادة شعبية تحركت بعد زيادة نسبة البطالة في ظل مقدرات وثروات يسخر جزءاً كبيراً منها للرئيس التونسي وحاشيته ومقربينه.. إرادة شعبية حركتها حادثة الشاب التونسي" محمد البوعزيزي" الذي أشعل في جسده بعدما لاقاه من ظلم وذل وهوان في بلده.
حادثة نتج عنها وفاة "البوعزيزي" وانطلاق ثورة الغضب الشعبي التونسي في معظم مناطق ومدن تونس تكللت بإنهاء نظام "زين العابدين بن علي" بعد أكثر من "23" عاماً من حكم عرف بقبضة حديدية صارمة لم تصمد كثيراً أمام إرادة الشعب الذي أراد الحياة فاستجاب له القدر وانجلى ليل "بن علي" وتكسرت القيود التي سلسل بها الشعب التونسي ما يقارب ربع قرن من الزمن؟!.
أما آن الأوان يا حكام العرب؟!
الأحداث في تونس توجب على الحكام العرب أن يفهموا العبر والدروس وان يبادروا إلى حل مشاكل واحتياجات شعوبهم وتحديداً البطالة.. وهذا في رأيي ممكن لو كانت هناك إرادة وضمائر حية.. وتحقيق ذلك لا يتم إلا بإصلاحات حقيقة والحد من قيام القلة القليلة في نهب الثروات والمقدرات وتسخير هذه الثروات والمقدرات للغالبية العظمى المطحونة المغلوبة على أمرها؟!، فهل آن الأوان يا حكام العرب في تغيير توجهاتكم نحو شعوبكم أم أنكم ستسيرون بهذا النهج العقيم الأرعن لتأتي الأعاصير الشعبية لتقتلعكم مثلما حصل لـ" زين العابدين بن علي" الذي ما توقع هو أو غيره بأن يحصل ما حصل؟!.
الإصلاحات.. الإصلاحات:
موضوع البطالة في اليمن مشكلة كبيرة ومتزايدة وإن كان من شيء على الحكومة الموقرة، فيجب على وجه السرعة المبادرة إلى إصلاحات حقيقية تحسن المستوى المعيشي للشعب وتضع الحلول لمشكلة البطالة التي تشكل هماً كبيراً ومؤرقاً.. وإن قيل بأن وضع اليمن صعب وموارده قليله ومحدودة.. فسنقول سئمنا من هذه الكذبة في ظل فاسدين ومتنفذين ينهبون أموالاً طائلة، لو سخرت هذه الأموال في حل مشكلة البطالة وغيرها من المشاكل لتحسن حالنا إلى أحسن حال.. فهل ستبادر الحكومة إلى هذا.. أم أننا سنسمع نفس الأسطوانة المشروخة التي مللنا منها ومن تكرارها؟!.. للموضوع بقية.. وإلى لقاء آخر إن شاء الله.
نايف زين اليافعي
أما آن الأوان يا حكام العرب؟! 1968