ـ إرادة الشعوب لا تقهر .. أثبتت هذه العبارة مؤخراً عندما أطاح الشعب التونسي بنظام زين العابدين بن علي في خطوة غير مسبوقة لأي دولة عربية تعيش في القرن الحادي والعشرين .. حدث ما لم يكن يتوقعه أحد
وتفاجئ الجميع به.. ليفتح بذلك منحى جديد للأمة العربية لدحر الظلم وإزالة كابوس الدكتاتوريات .. وتغيير واقعها إلى عهد حديث وعصر مليء الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والرأي والرأي الآخر.
ـ إذ بات وشيكاً للأنظمة المستبدة والديكتاتورية أن تغير من واقع الأمة قبل فوات الأوان.. وقبل أن تثور الشعوب وتنزل إلى شوارع المدن تبحث عن مخرج وبديل للواقع الهزيل الذي تعيشه وتسقط الزعامات كما حدث فعلا في
تونس الخضراء التي ربما يعيش أبناؤها حالة أفضل من غيرها في جوانب الحرية والديمقراطية والاقتصاد الحر والمنظم .
ـ صمود إرادة الشعب التونسي ضد نظام بن علي وجبروته لم تأت من فراغ، بل جاءت حادثة الشاب "البوعزيزي" الذي أحرق نفسه لتحرك شعلة الثورة التونسية وتشعل نيران الانتفاضة من قبل الشعب الحر بمساندة الأطياف
والأطراف الفكرية والثقافية التي نزلت إلى شوارع المدن لإسقاط الظلم بعينه وإعادة روح الحياة والحرية من جديد .
ـ هكذا صنع الشعب التونسي بنفسه التغيير دون اللجوء الى المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، صنع تغييرا واقعيا سيسجله التاريخ في أنصع صفحاته ليتحقق قول الشاعر التونسي الكبير أبو القاسم الشابي حين
قال: إذا الشعبُ يومًا أراد الحيــاة, فلا بدّ أن يستجيب القدرْ.. ولا بدَّ لليل أن ينجلي .. ولا بدّ للقيد أن ينكسرْ .
ـ لكن يظل السؤال يطرح نفسه.. هل يستفيد زعماء وقادة الأمة العربية والإسلامية مما حدث في تونس؟، هل آن الأوان للزعماء الديكتاتوريين أن يتعظوا بالدرس التونسي وتغيير صورتهم القاتمة قبل فوات الأوان .. هل
حان لهم ذلك بالنظر الى شعوبهم واقعها المعيشي والقضاء على الفساد والمفسدين وإيجاد رؤى تساعد الفقراء على تحسين أوضاعهم واستيعاب بطالة الشباب وإجراء إصلاحات حقيقية على الواقع .
ـ ما جرى في تونس مؤخرا ربما كافيا للزعماء لإجراء تغييرات واقعية وحقيقية، ترد للأمة سمعتها وكرامتها وللشعوب حقوقها .. خاصة وأننا نعيش حالة فوران نتيجة استمرار موجة الغلاء والعنف والتطرف..ما يشكل
تهديدا للزعامات في أي وقت للسقوط وإيجاد كرزاي بديلاً عنه.. والحليم تكيفه الإشارة .
ـ تنحي بن علي في ليلة وضحاها وفراره قبل أن يطاله ما لا يُحمد عقباه ربما أيقض في أوساط الشعوب مارد الرفض للظلم والقهر والتوق لاستعادة الحرية والعيش بالكرامة ولن يتحقق ذلك.. مالم تثور الشعوب، وهذا الأمر
يخلق حالة من الذعر والخوف لدى الرؤساء الديكتاتوريين .
ـ لكن بن علي بتنحيه عن السلطة ورحيله البلاد احترم نفسه وشعبه بهذا الإجراء واعتبرها كثير من المحليين رسالة واضحة وموجهة لكل الزعماء والرؤساء الذين ما يزالون يجهلون صوت الشارع والطبقة المهمشة التيإن خرجت
من صمتها.. تمكنت بقوة الإرادة تغيير مجرى الحياة .
ـ ماحدث في تونس كان مفاجأة من العيار الثقيل وحدثاً تاريخياً ليس لتونس فحسب وإنما للأمة العربية والإسلامية .. التي آن أوان استجابة زعمائها لمطالب الشعوب قبل إشعال الانتفاضة في كل مكان ضد القمع والتسلط..
فما جرى بتونس من إجراء وتغيير سياسي ليس بهين.
يحيى عسكران
هل يستفيد زعماء العرب مما حدث في تونس؟ 2349