أخي الناشر "سيف".. تحية وتقدير.. ليس من باب المجاملة إن قلنا بأن صحيفة "أخبار اليوم" أصحبت الصحيفة الأولى في بلاط صاحبة الجلالة محلياً – شئنا أم أبينا- والشيء الآخر الذي نعتقد من وجهة نظرنا
المتواضعة أنها حقيقة إن أكثر من نصف قراء صحيفتكم الغراء هم في الأصل من أهل "عدن".. ونعترف أيضاً بأن هناك من عرف هذه الحقيقة وسبقنا إليها، ولهذا نجدهم يحشرون "عدن" في كل سطر ومقال يكتبونه في
صفحاتها!.
أخي الناشر.. لا نخفي سراً أيضاً إن قلنا بأننا تعودنا في كتابات الأخ/محمد راوح الشيباني الجرأة والصراحة، وإن كنا نحترم إنتاجه الفكري.. إلا أننا نعتقد أن التوفيق لم يحالفه هذه المرة، مع الأسف مؤخراً خرج علينا
في المقالين الأخيرين " لكن (الحديدة) لا بواكي لها" و "أخي الرئيس.. هذا أول الغيث" ،بقلاقل "حديدية" وابتهالات "تهامية".. حسبنا أنها تحمل رائحة أشباء تحترق.. ودعوات وكأني بها تفرق لا
تسد، وتحرض ولا تحمد!.
أخي الناشر.. تستحق "الحديدة" أن ندافع عنها، وأن نبارك كل خطوة من شأنها أن تعيد الأمل للأرض والإنسان ـ ليس فقط لتكون بديلة أو رديفة ـ أو لأن أهلها لن يجحدوا أبداً، ولن يطالبوا بالانفصال دوماً.. إنما لأنها
محافظة يمنية، وقطعة من هذا الوطن العزيز.. الذي نتمنى أن يكون خارج حسابات الشاكين والباكين والمزايدين، وتكهنات العرافين التي قد تخرب، وتفسد –لاقدر الله- الفتة ولحمته!.
أخي الناشر.. إن الخطوة التي يجب على البعض اتخاذها، هي تدارك وتصحيح ما وقعوا فيه من أخطاء.. فإذا أرادوا فعلاً ليس فقط إنقاذ الحديدة، وأهلها من الانقراض.. بل البلد والشعب من الضياع.. فإننا
نوصيهم بالبحث عن مصادر جديدة لمعلوماتهم لكي تدلهم إلى أين ذهبت السفن التي هجرت موانئ اليمن، أو إلى أين أرادوا لها أن تذهب؟ ومن المفيد أن نعرف أيضاً.. لماذا غيرت شركات النقل الكبرى مثل "PIL"
خطها الملاحي، ويممت شطر جيبوتي وغيرها؟ ولصالح من يتم التصرف بأراضي المنطقة الحرة، ولماذا تحولت المنطقة الصناعية إلى وقف وأحواش فقط؟.. فإذا كان ميناء الحديدة قد أهمل.. فهذا لا يعني بالضرورة أن
ميناء عدن قد انتعش!.
من الجميل أن ننتصر لحقوق عمال ميناء الحديدة، ولكن القول بأن ظروف عمل إخوانهم في ميناء عدن أفضل.. خطأ فادح واعتقاد مظلل.. علماً بأن كثيراً من عمال ميناء عدن، لا يعيشون باليومية والقطعة فقط، إنما
بالسكرة أيضاً!.
هناك حلقة مفقودة تجعلنا لا نستوعب أن هذه الدعوات قد تصدر من أشخاص متشبعون بالثوابت، ومنتفخون بهواء الوطنية حتى الانفجار!.. إننا نحذر من مجرد طرح مثل هذه الفرضيات والاحتمالات.. منطق تحريضي
لا ينبغي أن يفرضه أو يجرجرنا إليه أحد لأي سبب من الأسباب!.
نقول للذي أنهى آخر سطوره بالتهاني والتبريكات، بأن عليه أن يستعيد ذاكرته ووعيه، أليس هذه عدن يا صاحبي التي وصفتموها يوماً حين عرجتم إليها بسيارتكم مسرعين، لتستمتعون بالعيد في أحضانها وبين أهلها الطيبين ـ
بالفردوس ـ وبأنها "جنة الله على الأرض".. واليوم تنعتونها وأهلها بالعقوق، ونكران الجميل، وتحرضون عليها وتتهمها بالجحود!.
"عدن" ياصاحبي.. كانت يوماً دولة ثم أصحبت شريكة حكم، ويكفيها فخراً أن التاريخ كرمها وشرفها حين رفرف علم الوحدة عالياً لأول مرة في سمائها.. هذه هي عدن يا صاحبي.. هبة الخالق.. رائحة هذه
الأرض الطيبة.. القلب الكبير الذي يخفق في جسد الوطن.. مدينة منفردة، ولا تستنسخ، ولا شيء يشبهها، ومستحيل أن يكون هناك رديفاً لها.
يا صاحبي.. حسبنا أن ذكاءكم خانكم هذه المرة، وتخلت عنكم حذاقتكم، أن الصوت الناعم والمخملي قد يكون ظاهره حرصاً وقد يعني في باطنه أيضاً أشياء أخرى يرفضها العقل السليم ونعتقد أن في تحريضكم على عدن
هروباً إلى الأمام ومجاملة للنظام.
وأخيراً نقول.. إن كان الرئيس قد ميز "عدن" فهذا كرم كبير، وعدن الطيبة تستاهل أكثر.
ياسر الأعسم
أخي الناشر.. "عدن" تستاهل أكثر! 1985