كان الناس في اليمن قبل دخول الإسلام يقتل بعضهم بعضاً ويسلب القوي فيهم الضعيف، حتى أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن ليتخذ من الجند مقراً رئيسياً له، وعاصمة لولاية اليمن في عهد الدولة الإسلامية، وكذلك كانت مدينة الجند عاصمة لليمن في عهد الدولة الأيوبية خلال الفترة (1174م – 1229م)، ومدينة الجند (القرية حالياً) تبعد عن مدينة تعز حوالي "18" كيلو متراً في اتجاه الشمال الشرقي، لكنها أصبحت اليوم قرية صغيرة يعاني مواطنوها من الإبتزاز والعبث بأراضيهم الزراعية، خاصة من قبل المجلس المحلي في محافظة تعز.
لقد سبق أن وجه فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية بالإهتمام بجامع الجند والمحافظة على آثار هذه المنطقة لما لها من أهمية تاريخية، ولذلك حافظ من تعاقب من محافظي المحافظة على كرامة هذه البقعة والمقيمين فيها حتى وصل الأخ /محافظ تعز الحالي فشمر ساعديه وحشد مساعديه للعبث بأراضي الجند الزراعية وتهجير المقيمين فيها... ومثال على ذلك أنه بداية هذا العام فكر فقال لا بد من إقامة مشاريع في أرض الجند الزراعية، مع أن الجميع يعلم أن محافظة تعز مر عليها العيد العشرون للوحدة ولم تنل من هذا المجلس المحلي سوى الكثير من الخطابة والرقص... المهم بدأ هذا العام بقلع مزارع المواطنين وأشجارهم وبيوتهم تارة لإقامة مشاريع وتوسعة لأخرى... حتى أنه في الأشهر الماضية كان يدور في منطقة الجند أكثر من "30" طقما من القوات المسلحة والأمن على مواطنين أبرياء عزل بسبب أنهم اعترضوا على قلع مزارعهم دون تعويض أثناء توسعة مطار الجند.. وبالفعل كان هناك حاويات من تلك التي تحمل الأغنام تجوب الوديان بجوار الأطقم وأرسل فيها عشرات الأبرياء إلى سجون مختلفة في محافظة تعز وقسم الجند...! ثم لم يلبث أن اتجه إلى الجهة الغربية من شارع تعز صنعاء، فأقام مشروع مدينة الصالح السكنية وقد استحيا مواطنو من مقاومة اسم الصالح، ولم يعترضوا على المشروع وبدون تعويض يذكر، وقد يكون ذلك لأن المشروع أبتعد قليلاً عن الأراضي الزارعة خاصة بعد مسرحية المطار.. لكن الأخ المحافظ سرعان ما قدم مكافأة جديدة لهؤلاء المواطنين الصابرين -وبدون مراعاة لظروفهم ومشاعرهم- فقد قام يوم الخميس الماضي بنشر أطقم عسكرية في الوديان لحبس المواطنين، وبدأت غرافاته في الحفر لحجز ما تبقى من أراضي زراعية حرة تعتبر آخر مصدر قوت للمواطنين في الجهة الشرقية مباشرة من مدينة الصالح السكنية على خط تعز صنعاء، وذلك تحت اسم إقامة مشروع مدينة الصالح الطبية، المزمع تمويلها من مؤسسة قطر للتنمية الدولية... وبرغم أننا سمعنا أن البعض نصحه بإزاحة موقع المشروع مسافة عن الأراضي الزراعية، لكن كما قيل أنه أخذته العزة وتكبر بسلطته...! مع العلم أن هناك توجيهات خطية سابقة بالإبتعاد عن الأراضي الزراعية والحفاظ على ممتلكات المواطنين في هذا الموقع..! .
باختصار.. إن المواطنين في منطقة الجند لم يتبق لهم سوى بقايا أراضيهم الزراعية التي لم تطلها مشاريع المحافظة، ويناشدون بحرارة بالغة فخامة الأخ رئيس الجمهورية المشير/ علي عبدالله صالح لحمايتهم من العبث بما تبقى من أراضيهم الزراعية الحرة قوت رزقهم الوحيد، وإزاحة مقترح مشروع المدينة الطبية بعيداً عن الأراضي الزارعة، وعن الخط الرئيسي تعز صنعاء، خاصة وأنه قد سبقت توجيهاته الخطية للحكومة بذلك في الماضي حينما كان نفس هذا الموقع مطلوباً لإقامة جامعة تعز... مع العلم أن هناك مناطق خالية كبيرة وأخرى جبلية كافية لإقامة أكثر من مدينة بجوار هذه المنطقة... أما الآخرون فإنهم يطالبونا بنقل موقع هذه المدينة إلى شرعب، لتتسق مع أبيات الشاعر الذي قال "قبلي شرعبتها يا حمود"...! والله من وراء القصد.
عبد الوهاب عباس الجند
الجند من عاصمة لليمن.. إلى قرية مسلوبة 2432