عندما تذهب أحزاب اللقاء المشترك إلى أن اتفاق فبراير هو المرجعية الوحيدة التي تمنح مجلس النواب الحالي شرعيته، فأنها بذلك تضيق الخناق وتقع في خطاء فادح، ذلك أن شرعية مجلس النواب يستمدها من الدستور وتحديداً من المادة 65 التي تم تعديلها في فبراير 2009م وبناءً على ذلك التعديل تم التمديد للمجلس لسنتين شمسيتين لمرة واحدة، مراعاة للمصلحة الوطنية العليا ومن المهم في هذا السياق التفريق بين بنود اتفاق فبراير كتوافق سياسي بين الأحزاب وبين تمديد مدة مجلس النواب لعامين كإجراء دستوري وعمل قانوني .
حيث أن اتفاق فبراير الذي تم التوقيع عليه يوم 23 فبراير 2009م، تم خارج مجلس النواب وفي إطار الديمقراطية التوافقية والحلول السياسية، أما ما تم داخل البرلمان فإنه أمر مختلف، فالتوقيع على اتفاق فبراير لم يعط مجلس النواب أي شرعية للتمديد ولا أي قانونية لتأجيل الانتخابات.
وحتى تكون اجراءات التمديد والتأجيل دستورية وقانونية، فقد تقدم 113 عضواً من أعضاء مجلس النواب بطلب لتعديل المادة 65 من الدستور والتي تنص على أن مدة المجلس ست سنوات شمسية، وبناءً على هذا الطلب فقد شكل المجلس لجنة لدراسة وتعديل المادة 65، وتم الاتفاق على إضافة فقرة جديدة للمادة والتي تنص على : تمديدة المجلس الحالي سنتين شمسيتين لمرة واحدة مرعاة للمصلحة الوطنية "العليا" وفي يوم 27 فبراير 2009م تم التصويت على تعديل المادة، وحصل تعديل المادة على الأغلبية المطلوبة وبصورة دستورية وقانونية وبمشاركة كل الكتل البرلمانية للحزب الحاكم وأحزاب المعارضة، وعقب التصويب وإقرار المجلس للتعديل أصبح البرلمان يمتلك شرعية ممارسة عمله ومواصلة دوره لمدة عامين كاملين.
ومرجعية هذه الشرعية هو الدستور وليس الاتفاق السياسي، لأجل ذلك فإن فشل اتفاق فبراير لا علاقة له بشرعية مجلس النواب، وحتى إقامة الانتخابات في موعدها المحدد في 27 أبريل 2011م، ليس له علاقة دستورية وقانونية باتفاق فبراير، وإنما علاقة إقامة الانتخابات يرتبط بالدستور والمادة 65 والفقرة "ب".
وعليه فإن مجلس النواب يمتلك شرعية دستورية حتى يوم 27 فبراير 2011م، وفي ذلك اليوم يلزم رئيس الجمهورية دستورياً أن يدعو الناخبين للاقتراع في يوم 27 أبريل، وأي تأجيل للانتخابات يعد مخالفة للدستور والقانون، ولا يمكن التأجيل والتمديد إلا إذا تم تعديل المادة 65 للمرة الثانية، ولا شك أ ن مثل هذا العمل إذا حدث فإنه يعتبر عبثاً بالدستور واستخفاف بعقول الناس وتهديد للشرعية الدستورية لمجلس النواب كسلطة تشريعية وبقية سلطات الدولة التنفيذية والقضائية!!
وصحيح أننا نريد إقامة الانتخابات بمشاركة الجميع وبصورة توافقية ولكن الصحيح كذلك أن مشاركة أو مقاطعة بعض الأحزاب لا يفقد الانتخابات شرعيتها الدستورية والقانونية، وإن كانت المقاطعة تفقد الانتخابات حيويتها ونكهتها وطابعها الجماهيري الواسع والمنافسة الحقيقة وهذا ما حدث في الانتخابات البرلمانية الأردنية التي جرت الشهر الماضي وقاطعتها جماعة الإخوان المسلمين أكبر أهم القوى السياسية، ومع ذلك فإن الانتخابات ونتائجها لم تفقد شرعيتها وقانونيتها وإن كانت فقدت شعبيتها وزخمها الجماهيري
عبد الفتاح البتول
البرلمان والانتخابات بين الشرعية والدستورية والتوافقية!! 1711