كثر الفساد وبكل أشكاله وصوره سواء إدارياً أو سياسياً أو مالياً أو أخلاقياً، فأصبح متفشياً بشكل أوسع وشكل بذلك خريطة لكنها بدون حواجز طبيعية وصناعية مما أدى إلى أن يحدث اهتزازاً وشروخات عميقة في بنية وأساسيات المجتمع .. والفساد لا يقتصر على ذلك العمل الغير الشرعي والقانوني الذي يرتكبه مسؤولونا منتهكين الصلاحيات التي حصلوا عليها من خلال المنصب الذي تبوأوه والذي يعد أمانة في عهدتهم .. ومن أجله حلفوا اليمين على أن يؤدوا مهامهم بكل أدب ديني وأخلاقي وقانوني .
ولكن الواقع يعكس ذلك ، كيف؟ أتركها لك عزيزي القارئ ومثل ما قلنا سابقاً الفساد اكتسح المواطن العادي كذلك بكافة فئات أعمارهم وذلك بتدني المستوى الأخلاقي إلى الحضيض باستخدام عبارات ومصطلحات ليست من عاداتنا ولا من معالم ديانتنا الإسلامية السمحاء، وعدم احترام ما علينا من واجبات ومسؤوليات حتى وإن كانت بسيطة مثل المحافظة على نظافة حاراتنا أو شوارعنا ، .. فهذا يدخل ضمن مفهوم الفساد بشكل عام لأن الفساد لا يقتصر على الإعتداء على المال العام، بل وجوهه كثيرة ومختلفة تشمل كافة مجالات الحياة .
ولقد دخل في هذا النفق المظلم ومن كل أبوابه وطننا الحبيب "اليمن" ، وأصبح من ضمن الدول التي رشحت لتربع قمة التتويج بالعالم بكامل الفساد ، وتفشي الفساد ولا يخفى على أحدٍ باليمن حتى أنه تطور وأصبح "عيني عينك"، فوصلت الوقاحة والبجاحة عند بعض المسؤولين التي تفوح من أجسادهم وجيوب ملابسهم رائحة الفساد بالحديث عن هذه الظاهرة ويتهمون الآخرين بها .. متناسين أنفسهم أو "عنده الوقاحة زائدة عيارين"، ليس لأنه يريد إصلاحاً وإنما لغاية بنفس يعقوب، وتصفية حسابات وتلميع صوره وهو بالأصل مشوه .
مثل هذا يحدث بمحافظة لحج بين مسؤولينا سواء كانوا أعضاء بالمجلس المحلي أو وكلاء أو مدراء عموم .. هذه المحافظة التي كانت أراضيها خصبة للزارعة أما الآن فهي خصبة بل هي مستنقع للفساد من يريد أن يمارسه الذي يجنيه من الأعمال الغير شرعية والغير قانونية فإن لحج تفتح أبوابها لمن يريد أن يتحفنا بمواهبه وطرقه الملتوية لتعلم الفساد بأنواعه .
ومن ينزل على أرض الواقع بلحج سيرى ذلك من النظرة الأولى ولا يحتاج لإثبات بمستندات وصور حتى يتم القبض على هذا المسؤول، لأن لحج هي المستند وهي الصورة التكاملية .. فهي تفتقر للكثير من المشاريع التي عدت لها ميزانيات ومناقصات وخصصت لها أموال لكننا لم نلمسها على أرض الواقع بل ظلينا نتغنى بها بالخيال وبذكرها أيام المناسبات الوطنية والعمل على التلميع الباهت الذي يكشف مدى السرقة للمال العام .
والسؤال الذي يدور لماذا لا توجد محاسبة، فلماذا يترك الحبل على الغارب، لماذا لا يتم ربطه حتى لا يأخذنا بعيداً وبعدها تصبح عودتنا مستحيلة ؟ ولماذا لا يُفعّل سؤال من أين لك هذا؟.
ولن نذهب بعيداً عن ما حدث بافتتاحية خليجي"20" من حيث العرض الهزيل الذي لا يرتقي للمستوى المطلوب وخسارة منتخبنا الثقيلة والمخزية والتي صرف الكثير من الأموال من أجل الظهور بالشكل المشرف والذي تستحقه اليمن .. يجب ألا يمر ذلك مرور الكرام، يجب أن يحاسب كل مسؤول سواء بالاتحاد الرياضي أو الثقافي على صرفهم للأموال بدون حصولنا على النتيجة المرضية .
مع شكرنا للجمهور اليمني الذي أنجح البطولة من دون مقابل، ويجب أن يشمل الحساب مسؤولينا بمحافظة لحج على إهدارهم أكثر من مليار ريال من مشاريع خليجي"20" ومن دون أن نرى شيئاً حتى حديقة عامة يا سيادة الرئيس ما عندنا ؟؟ والله من وراء القصد.
أنوار عبدالحميد العبدلي
لحج "ومستنقع الفساد" والمحاسبة الغائبة 1719