عن هذا الزمان الذي أختلط فيه الحابل بالنابل والغث بالسمين وتقلبت الحقائق وسار جيل الثورة ومن بعده جيل الوحدة حيران لا يدري أي طريق يسلكه، لا يفهم الحق من الباطل وتغيبت الحقيقة.
"48" عاماً من عمر الثورة ونحن نجلب المحن ونجلد ذاتنا ونلعن أمواتنا ونجلد الثورة والثوار ونرمي بمبادئ الثورة وأهدافها عرض الحائط.
"48" عاماً ونحن نتفنن بتحميل الأموات مآسينا وإخفاقاتنا وتدهور حالتنا ونحن نسلك دربهم ونسير على نهجهم، نلعن الاستبداد ونحمله على رؤوسنا، نحمل الأموات ما لحق بآبائنا من الفقر والجهل والمرض ونحن نعيش واقعاً مراً.. نتباها بأننا نصنع المعجزات ونحن سفلتنا الطريق ولا يستطيع المواطن السير عليه لأنه لا يستطيع الحصول على سيارة يركبها لينعم بخيرات الثورة.. وإن حصل على سيارة بشق الأنفس فسوف تتهالك على كثرة الحفر والمطبات في شوارعنا وطرقنا داخل المدن وخارجها بطول البلاد وعرضها.
نبني المستشفيات ونتباها بعشرات المباني ولا يستطيع المواطن اليمني الحصول على الدواء ولا يستطيع دخول المستشفى.. وكم من فقراء من أبناء وطني لقوا مصرعهم على أبواب المستشفيات الحكومية ناهيكم عن الأهلية.. ونتفاخر ببناء المدارس وضاع التعليم والتعلم، نتباها بتشييد المنشآت الحكومية وتعطلت مصالح الناس، نتباها ببناء السدود والحواجز المائية ونحن نستورد القمح وأصيبت المزارع بالجفاف التام وأصبحت أثراً بعد عين.
نتباها بالديمقراطية والتعددية السياسية ولم نر سوى الحزب الواحد والرئيس الأوحد وتتداول السلطة مع نفسها ونحن نرى الحزب الحاكم ثمة ليخوض الانتخابات النيابية بمفردة لينافس ذاته.. فعما قريب سنرى البركاني ينافس روحه والراعي ينافس اسمه وهكذا.
وحينها حتماً تكون النتيجة أغلبية ساحقة تسحق ما تبقى من أمل لدى اليمنيين وتفويض شعبي جارف لكي تكبر وتكثر المجارف لتحصد المال العام وتهدر طاقات الأمة ونحصل على مجلس نيابي مثل سابقه يرعاهم الراعي لا يرون ما يصنعون ولا ما يفعلون سواء إقرار القوانين التي تصلهم والتصفيق للأخ الرئيس حينما يحضر افتتاح أولى جلسات المجلس وسيتجه النواب كالعادة للحصول على الامتيازات هم وأولادهم كما أمثالهم في أجهزة الدولة المختلفة وبتعبير المثل القائل "بين أخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب"، وسيشكلون عبئاً على ميزانية الدولة وبعدها ومما لا شك فيه ولا ريب أن الشعب اليمني سيفقد الأمل بالتغيير تماماً.. فالحزب الحاكم قد أفرز مجلساً رقابياً لا يستطيع أن يراقب نفسه ومجالس محلية ديكورية وستتوسع دائرة العنف وينتشر قطاع الطرق ويفقد المواطن اليمني ثقته بأجهزة الدولة المختلفة فلا أمن مع الأمن ولا حل مع القطاع ولا فائدة ببقية المؤسسات التي لا نفع لها.
فأي مستقبل سنقدمه لجيل الوحدة، أي مستقبل قائم ومخيف سنقدمه لأبنائنا فمشاريعنا شكلية ومنجزاتنا العملاقة ليست إلا وهماً وخيالاً وبنيتنا اليمنية ضعيفة وهزيلة.. والعالم من حولنا يتقدم إلى الأمام ونحن نتقدم إلى الخلف، نطالب المواطن اليمني الغلبان بأن يضع اليمني في حدقات العيون وفي مهبة القلب ونحن نرى ثلة من إخواننا يضعون الوطن كله بجمعه ومفرداته في جيوبهم ويعيشون في قمة الثراء الفاحش وتلك قسمة ظيزاء لا يرضاها من له قلب أو القى السمع وهو شهيد "اللهم يا ربنا ألهمنا رشدنا" اللهم يا ربنا أحفظنا من سوء أعمالنا وشرور أنفسنا وأنزل علينا رحماتك قبل أن نفقد الوطني ونبكي على الأطلال وبعدها سنظل دوماً نرثي الوطن؟؟.