لدي حالة من الاشمئزاز والنفور هذه الأيام، من مظاهر الاستعراض وفرد العضلات التي يستعرضها هؤلاء الذين دأبوا على طرح أنفسهم كشرفاء مكة وأمناء الأرض والمحافظين على ممتلكات الدولة وحريصين على الأموال العامة ولا يشق لهم غبار وكأن الصفات الحميدة كتبت وصنفت لهم.
يحاربون المفسدين ويكافحون الفساد، ويدعون بحفظهم للأموال العامة، باعتبار حفظ الأمانة من الإيمان، والخيانة من النفاق، لكن إذا جئنا للحقيقة فهم عباقرة في ممارسة السرقة، ويتظاهرون بلباس العفة والشرف، وهم في الأصل عبارة عن كومة من ( الغش والمرض والفساد). تجدهم يوميا، بدون خجل" ينهبون في سكون ويملؤون كروشهم ويتسترون ( يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم)، وعندما يكتشفوا أو يقبضوا على لصا صغير، يخرجون عليه من كل فج عميق مُدّثرين بثياب العفة وعلامات المسكنة والهدوء، يتشدقون علينا بمصطلحات غريبة نكاد لا نعرفها.
هل يعقل لشاب صغير أن يسرق وكر لصوص متمرسون في هذه المهنة منذ سنين، بل أصبحوا لا يجيدون ولا يتقنون غيرها؟، يحاسبون شاباً صغيراً نهب مبلغا من المال، من ( له الذنب والناقة لهم) لا يوجد من يحاسبه.
شيء يبعث بالخجل بأن نرى اللصوص والمتسلقين في المجتمع أصبحوا يدقون على الأوتار بدءاً بالأخلاق ومنتهيا بالأمانة وهم أول من ينهبون ثروة البلاد، نحن نعيش بالفعل في وضع مزري، وضع يشبه الكهوف التي لا يدخلها النور.
المال دائماً برئ والمتهم هو الإنسان، يمكن أن يكون منقذا أو مدمراً وغياب الرقيب والقانون يفتح أبواب الفساد.
السرقة هي من علامات الفساد.. والفساد عمل مرفوض في كل المجتمعات ومكروه في جميع الديانات، أما في قرآننا الكريم فالسارق تقطع يده لقوله تعالى " السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" وقول النبي عليه الصلاة والسلام " تقطع اليد في ربع دينار" ونحن في مجتمع لو نحاسب بعضنا سنجد نصف الشعب مقطوعي الأيدي.
أحلى الكلام
"عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير"