;

يثرب.. صورة مجسدة لدولة راقية ..الحلقة «الثالثة عشر» 1075

2010-03-10 04:43:00

صفحه من
كتاب


إن الدولة الإسلامية كما تجسدت في
المدينة على عهد الرسول "ص" وخلفائه الراشدين من حيث الشكل تتوفر على جميع العناصر
التي تتوفر عليها كل دولة وهي الشعب وإقليم وسلطة ونظام قانوني وقد حدد دستور
المدينة بشكل دقيق الفئات التي تتكون منها هذه الدولة. .
من مسلمين ويهود

ومشركين قد نص عليهم الدستور قبيلة
قبيلة جميعهم يكونون أمة من دون الناس الأمة السياسية وقد نصت الصحيفة على حقوقهم
وواجباتهم باعتبارهم مواطنين. أما الإقليم فهو المدينة "يثرب" موطن الدولة الإسلامية
الأولى وقد قام رئيس الدولة بوضع علامات تبين حدود الدولة بوضع جعلها حرماً أمناً
مشعراً المنتقلين منها وإليها بأن كياناً سياسياً جديداً قد ولد كما حددت كذلك على
النظام القانوني الذي يخضع له الجميع المتمثل في الشريعة التي هي مرد كل
نزاع.
مقومات دولة حديثة: وشدد الدستور آنذاك على واجب التناصر والمساواة بين
جميع الفئات المشتركة في الدولة والدفاع المشترك عن حدود الدولة ومنع الولاء
لأعدائها والتكافل داخل فئة من تلك الفئات ومنع العدوان مطلقاً. .
وحرية الاعتقاد
وممارسة الشعائر الدينية وتعد هذه الوثيقة الدستورية المكتوبة التي كانت من أول
إنجازات النبي "ص" في المدينة لدى المطلعين عليها من فقهاء القانون الدستوري سبقاً
دستورياً لا مثيل له في تاريخ القانون الدستوري جديراً بمزيد من الاهتمام والدراسة
خاصة وقد تعرضت الصحيفة بعض المشكلات العويصة مثل مشكلة المواطنة وأن جميعهم في
مجتمع متعدد المذاهب والمعتقدات فاعترفت للجميع دون أي استثناء بحق المواطنة وأن
جميعهم يكونون "أمةً من دون الناس" وهي الأمة السياسية التي يشترك أفرادها في
الإرادة المشتركة في التعايش السلمي والولاء للدولة والدفاع عنها ذلك إلى جانب
الأمة العقائدية: أمة يهود، وأمة الإسلام. .
ولاشك أنه وقد عددت الصحيفة جميع
الفئات العقائدية المتكونة منها "يثرب" ما كانت لتستثني فئات أخرى ذات عقائد أخرى
قد ارتضى أهلها الدخول في هذا العقد لو كانت موجودة فليس هناك موجب لاستثنائهم
الأمر الذي يقطع بوجود مفهوم واضح للمواطنة في تلك الدولة يتكون من الاشتراك في
الإقليم مع إرادة العيش المشترك فيه والنهوض بما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات ومن
عنصر عقائدي هو الذي يضفي على تلك الدولة صبغتها المذهبية ويزودها بالقاعدة
القانونية التي تقوم عليها وبالشريعة المنظمة إياها وهي العقيدة الإسلامية والشريعة
الإسلامية فحسب هذا التصور الذي قدمته هذه الصحيفة ونصوص القرآن لمفهوم الموازنة في
هذه الدولة وعلى الرغم من أهمية العقيدة والشريعة في تأسيس تلك الدولة وتنظيماتها
فإنه لا يتمتع بحق المواطنة فيها إلا من كان مقيماً على أرضها مسلماً كان أو غير
مسلم.
إن المواطنة متاحة لكل من طلبها فالتحقق بإقليم الدولة وأدى الذي
عليه. .
أما الذين رفضوا ذلك وإن كانوا مسلمين فليس على الدولة من ولايتهم من
شيء إلا أن يلتحقوا بها أما إذا آثروا الإقامة في إقليم خارج الدولة فهم وإن كانوا
جزءاً من الأمة العقيدية فهم خارج الأمة السياسية.
أساس الحكومة الإسلامية: إن
أنظمة الحكم لا تتمايز بمؤسساتها السياسية والقانونية التي تدار من خلالها السلطات
وتتخذ القرارات رغم أهمية ذلك بقدر ما تتمايز بنوع الأفكار والعقائد والقيم
والقواعد التشريعية الرئيسية التي تمثل مضمون نظام معين وروحه العامة وتشكل الشخصية
الفردية والعلاقات الجماعية لمؤسسي ذلك النظام وتصوراتهم عما هو عدل وحق وخير وعما
هو ظلم وباطل وشر. .
وعما يجعل هذا العمل خيراً أو شراً، عدلاً أو ظلماً، حقاً أو
باطلاً أنه بغير كبير علينا، يمكن نقل مؤسسات نظام معين من أمة إلى أخرى.
أما
نقل الروح العامة ونظام الأفكار وقواعد التشريع فأمر عسير ولن يعمل نظام بنجاح دون
روحه العامة. .
وذلك مرد خواء المؤسسات الغربية فشلها في أن تؤتي خارج إطارها
التاريخي والثقافي حتى تلك الثمار الضئيلة التي آتتها داخل ذلك الإطار لقد سبق
وأكدنا أن الديمقراطية مثلاً ليست مجرد إعلان دستوري لحقوق الإنسان وانتقال السلطة
إلى الشعب واعتماد أسلوب الانتخاب في قيام السلطة التنفيذية والتشريعية فكم من
إعلانات ولا ديمقراطية. .
بقدر ما هي تقدير معين للإنسان وللكون وحريته وينأي به
عن السقوط في هاوية الرق أو الاستبداد ولاشك أن حسنات النظام الديمقراطي إنما تعود
إلى إيجابيات ذلك التصور الإنساني الذي قدمته فلسفة عصر النهضة والإصلاح الديني وإن
قصوره في تحقيق التوازن في شخصية الفرد بين مطالب الروحية والمادية وفي تحقيق
التوازن بين مصالح الفرد والجماعة وبين مصالح الشعوب القوية والضعيفة وإيجاد السلام
والتعاون بينها بدل الاستغلال والتسلط إنما يعود إلى تصور تلك الفلسفة سواء في
صيغتها الإصلاحية الدينية التي كرست الفصل بين العقل والروح والروح والمادة والدين
والحياة ومحاولة المحافظة على توزيع السلطة بين الله وقيصر أو في صيغتها الفردية
التنويرية التي ألهت العقل وخلقت ديناً مادياً فردياً لئن أطلق العقل من عقاله يجوب
الآفاق ويستكمل مسيرة المعرفة ليوظفها في كثير من الأحيان توظيفاً إبليسياً في
إشباع أهواء التسلط والمتعة والأئمة.
فقد أطلق الغرائز المحمومة أيضاً دون ضابط
ولا رادع. .
أو في صيغتها المادية الماركسية أو النازية التي كفرت بالله والكنيسة
والحرية لتحل محلها آلهة جديدة هي الإنتاج والطبقة والحزب والزعيم والدولة وتنصب
كنيسة جديدة هي قيادة الحزب و"بابا" جديد هو رئيس الحزب سمة ما شئت انه في كل
الأحوال رمز التسلط الداخلي أو الخارجي والثمرة الطبيعية للإنسان المتمرد على الله
الطامح للحلول محله، قد تسعد البشرية في ظله يوماً سعادة المخدر المخمور لتشفى
دهراً وقد تعرف الابتسامة طريقها في ظله إلى فرد أو أحدٍ أو حتى شعب لينوح مئات
الملايين. .
قد تضي أسلاكه بعض الطرقات لتمتلئ القلوب ظلمة وتعاسة. .
قد تعبر
ناقلاته القارات وصلاً لتغير عليها نقاشاته وصواريخه الناقلة للدمار قطيعة
ومحقاً. .
أنه النبات المسموم الذي تحدث عنه القرآن "كمثل غيث أعجب الكفار نباته
ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد"، أو هو شجرة الزقوم
التي ولئن كثرت ثمارها فما تزيد الجائعين إلا عذاباً ونكداً.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد