;

فساد الذوق العام ..إساءة لليمن والإسلام 1017

2010-01-17 05:28:43

الشيخ /
عمار بن ناشر العريقي


مظاهر مؤسفة وظواهر محرجة كمثل التي نشاهدها
ويشهدها معنا كل الزوار والسياح في شوارعنا ومؤسساتنا ومدارسنا ..إلخ، وكلما
باختصار تدل على فساد الذوق العام ..الذوق الذي هو سلوك الروح قبل العقل والبدن
وكلها تجتمع في علامات التخلف والفوضى والقذارة والجهل..وما عساها غداً تقول
الجماهير المحبة للرياضة في دول الخليج وغيرها حين يشاهدون هذه المظاهر العبثية

في"خليجي عشرين " في بلادنا؟ شوارع
قد غطتها أكياس القمامة والقراطيس والحفريات ومياه المجاري والباعة المتجولون وفوضى
أصوات السيارات ومزاميرها وروائح عوادمها ونظام سياراتها ..
مؤسسات تعبث فيها
جرائم الرشوة وانتهاك النظام والقانون والفساد وتقديم الاعتبارات الشخصية والحزبية
والقبلية على الكفاءة والنزاهة والأمانة ومشكلات انقطاع الماء والكهرباء وغياب
المسؤولية والإهمال والغش في التعليم ..إلخ.
كل ذلك وغيره كثير مما يستدعي
الاستياء العام والاستهجان لدى المخلصين ويكرس أسباب الاحتقان والاختلاف ويهدد أمن
البلاد و المواطنين وهو سلوك غير مدني ولا حضاري ولا إسلامي بل يسيء إلى صورة الدين
وإلى سمعة المسلمين وخاصةً اليمنيين أجمعين وإن كان في الحقيقة لا يمكن نسبته إلى
الكل ولكن السيئة تعم حتى نخشى أن يأتي اليوم الذي يستحي فيه الانتساب إلى هذا
البلد العظيم حين نتأخر ويتقدمون ونتفرق ويجتمعون ! ثم لا يجدي أن نفتخر بحضارتنا
القديمة وأمجادنا العظيمة إذا فخرت بآباء لهم شرف* قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
وليس الفتى من قال كان أبي إن الفتى من قال ها أنذا وما ينفع الأصل من هاشم إذا
كانت النفس من باهله فالعبرة دائما بالخواتيم وقد صارت الآن الاعتبار عن العقلاء
بواقع يكون التقديم بالعلم النافع والعمل الصالح والخلق الحسن وماذا قدمنا للحضارة
والحياة.
أن اعتبار الذوق سلوك حضاري وفطري وإنساني لأن الإحساس والميل إليه
طبيعة إنسانية وقد نوه القرآن الكريم إلى فضل الجمال والزينة والحسن في آيات كثيرة،
فالجميل من أسماء الله الحسنى ومن صفاته العليا والمثلى "والله الأسماء الحسنى" أي
البالغة في الحسنى كمالها وله المثل الأعلى" أي الوصف الكامل الذي لا نقص فيه بوجه
من الوجوه كما أن اعتبار الجمال من السنن الإلهية في الكون والحياة وكل شيء
..
في صفاء السماء وتلألؤ النجوم وفي سكون البحر وهيجان وتلاطم أمواجه وفي
إشراقة الشمس وأوراق الشجر وبراعم الورود وفي ألوان وحركات الطيور والفراشات وكل
ذلك من دلائل عظمة الخالق تعالى بديع خلق وجمال شريعته "إن في خلق السموات والأرض
واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب" وشريعة الإسلام كلها جمال في أبواب
العقائد العبادات والمعاملات لمن تأملها وأدرك مواقعتها لمقتضى العقل والحكمة
والمصلحة .
والذوق والجمال مطلوبان في الظاهر والباطن وهو معنى قوله تعالى :
"وثيابك فطهر"وقوله "ص" : الطهور شطر الإيمان"رواه مسلم.
ومن الجمال الظاهري
اهتمامه "صلى الله عليه وسلم بالنظافة والتزين والسواك والاغتسال والتطيب وتسريح
الشعر وخضاب الشيب بالحناء والاكتحال بالإثمد والاهتمام بطلاقة فصاحتة وبلاغته
ومدلولاً ، كما أن من الاهتمام الباطني والمعنوي وهو الأهم من العناية بمكارم
الأخلاق "وإنك لعلى خلق عظيم" وفي الحديث" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وتحقيق"
التي هي أحسن" في كل شيء ومن الموعظة والتحية والمعاملة "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي
هي أحسن " "فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وفي مجادلة أهل الكتاب كون ذلك أدعى لهدايته
واستجابتهم "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" ومن الصبر الجميل والصفح
الجميل والهجر الجميل" فأصبر صبراً جميلاً" فاصفح الصفح الجميل "واهجرهم هجراً
جميلاً".
كيان الذوق يدخل تحت فضيلة "مكارم الأخلاق " وبالأخص تحت فضيلة الحياء
والمروءة قال صلى الله عليه وسلم " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم
تستحي فاصنع ما شئت "رواه مسلم .
وقال الشاعر " إذا أنت لم تخشى عاقبة الليالي
ولم تستحي فاصنع ما شئت" فهو إذاً أمر متقرر في شرائع الأنبياء السابقيين كما دل
الحديث على أن الحياء يزيل عوائق السفاهة والفحش، إن مراعاة الذوق والجمال من أبرز
مرايا الإسلام وخصائص العقلاء ألا أن الواجب التوسط فيه والاعتدال من غير إفراد أهل
الكبر والاستعلاء "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"
البخاري.
ولإفراط أهل القذارة وقلة الذوق وفي الصحيح "أن الله جميل يحب الجمال"
وهو عام في كل شيء ويدل عليه أن الحديث جاء رداً منه صلى الله عليه وسلم على
الصحابة الذين توهموا أن من الكبر مراعاة الذوق والجمال وقالوا: يا رسول الله إن
أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً وتعلم حسن تتأمل أخي كيف يراعي الصحابة جمال النعال
رغم عظيم زهدهم واشتغالهم بالجهاد والعبادة وحال فقر أكثرهم فقال صلى الله عليه
وسلم "إن الله جميلُ يحب الجمال"إنها مسؤولية الدولة ومؤسسات"يجب أن تحافظ على مجال
الشوارع وفرض القوانين بذلك فإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ومعاقبة من
يرمي القرطاس أو ببعد في وجه الشارع كما هي مسؤولية كل مسلم وفي المثل الصيني "إذا
نظم كل واحد منا قدام بيته صارت شوارعنا نظيفة".
وتبدأ هذه المسؤولية باستشعارها
وتحملها من البيت وحال الطفولة .
وأن تكون النظافة سمة المجتمعات الغربية
الكفرية دون المجتمعات الإسلامية حتى نسيء إلى أنفسنا وبلادنا وديننا فنقدم بذلك
شهادة زور بلسان حالنا قبل لسان مقالنا والله المستعان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد