;

"طباخ الريس" 1014

2010-01-09 05:09:02

د.
عبدالرحمن مقبل الحذيفي


ظهرت في السنوات الأخيرة أفلام سينمائية مصرية
تناولت وبأسلوب كوميدي بعض القضايا السياسية التي تهم المشهد العربي من الخليج إلى
المحيط..
علاقة السياسة بالسينما ليست جديدة فالفن السابع ومنذ ظهوره في الوطن
العربي إهتم دائماً بالمواضيع ذات الطابع السياسي وكان للسينما دور في تعرية الفساد
وغيره من المظاهر الاجتماعية التي تضر بالمجتمع وتعيق تطوره.

لكن ما يميز بعض الأفلام التي ظهرت حديثاً هو أنها
سلطت الضوء على دور الحاشية أو الطبقة السياسية التي تحيط برئيس الجمهورية وتحاول
أن تكون العين التي يرى بها والأذن التي يسمع بها واليد التي يبطش بها، وتعمل
الحاشية جاهدة على الظهور بمظهر المدافع عن النظام السياسي والحامي لحماه.
في
فيلم "طباخ الريس" نجد أن القيادات العليا التي تعمل حول رئيس الجمهورية تحاول وضع
حاجز بينه وبين الشعب وتمنع وصول أي معلومات إليه حول معاناة المواطن العادي وما
يواجهه من مشاكل اقتصادية وحتى حين يقرر الرئيس التواصل المباشر مع الشعب تقوم تلك
الأجهزة بتوظيف ممثلين وممثلات للقيام بخداع رئيس الجمهورية وإعطائه تصوراً خاطئاً
حول أحوال الناس البسطاء والنتيجة هي زيادة الفجوة بين الشعب والقائد، فيظن الشعب
أن القائد لم يعد يهتم بشؤونهم وأنه راض عما يعانونه من فساد واستغلال وامتهان
لكرامتهم بينما يعتقد القائد أن شعبه يعيش في رفاهية وينعم بالانجازات وأن الأوضاع
الاقتصادية على ما يرام فالأسعار منخفضة والخدمات متوفرة والحاقدين وحدهم من يقولون
عكس ذلك.
رئيس الجمهورية في الفيلم والذي أجاد لعب دوره النجم خالد زكي يحاول
كسر العزلة التي تفرضها الحاشية حوله ويقرر الخروج إلى الشارع دون حرس أو إجراءات
أمنية ليجد الشوارع خالية من الناس بسبب إشاعة روجتها الحاشية لتمنع أي لقاء مباشر
بين القائد ومواطنيه لكن خطتهم لم تنجح بشكل كامل إذ يتعرف الرئيس خلال جولته على
طباخ شعبي يلعب دوره الفنان طلعت زكريا ويأمر الرئيس أن يعين هذا الطباخ في المطبخ
الرئاسي، ومن خلال هذا الطباخ البسيط حصل رئيس الجمهورية على معلومات صحيحة حول
واقع الشعب وبدأ يشك في كل التقارير التي تُرفع إليه من قبل الجهات الرسمية
المختلفة وحاول جاهداً تصحيح الأوضاع ومحاسبة المقصرين من كبار رجالات الدولة
وطبعاً هذا الوضع الجديد لم يرق لمن حول الرئيس من القيادات السياسية والأمنية
والتي رأت في الطباخ خطراً كبيراً يهدد مكانتها وبالتالي سعت إلى التخلص منه عبر
تقارير طبية مزورة مثلها مثل بقية التقارير التي تضعها بين يدي رئيس الدولة وينتهي
الفيلم بالطباخ المسكين وهو يخاطب صورة كبيرة لرئيس الجمهورية في أحد الشوارع وكأن
الكاتب والمخرج أراد الإيحاء بأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يشكو فيها عامة الشعب
إلى زعيمهم الذي تحول بينهم وبينه حاشية قوية ومسيطرة على كل شيء في البلاد.
أما
فيلم هاني رمزي "ظاظا" فلم يكتفِ بتسليط الضوء على دور "الحاشية" في خلق جدار عازل
بن الرئيس وشعبه بل تعداه إلى التحذير من أن تلك القيادات تتخلى بسرعة عن الرئيس
عندما يواجه خطر الإزاحة من منصبه وتكون أول من يرحب بالحاكم الجديد وتحاول السيطرة
عليه بنفس الطريقة لتضمن بقاءها في السلطة وفي مراكز اتخاذ القرار.
ويشعر
المشاهد بتعاطف مع رئيس الجمهورية أو النجم كمال الشناوي وهو يخسر كل شيء رغم أن من
حوله طمنوه بأن الوضع تحت السيطرة، وأن الشعب لن يختار بديلاً عن قائده العظيم الذي
حكمه لعقود، لكن مصيره بالطبع أفضل من مصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين والذي
كان ضحية من حوله من قيادات سياسية وعسكرية وأمنية قبل أن يكون ضحية الغزو الأميركي
للعراق.
صحيح أن هذه الأفلام كوميدية في الأصل والهدف منها إضحاك الجمهور لكنها
في الوقت ذاته تدفعه للتساؤل: هل هذا هو حال كل الحاشيات؟ هل فعلاً لا يعلم رئيس
الجمهورية أو الملك أو الأمير أو من يقود البلاد بحال الشعب ومعاناته؟ هل تحاول مثل
هذه الأفلام تبرئة الزعماء وتحميل المسؤولية لمن حولهم من القيادات والوزراء؟ هل
على أبناء الشعب أن يدعوا الله أن يبعث لهم بطباخ أو قهوجي ليشرح لرئيسهم حالهم
البائس وظروفهم الصعبة؟ كلية الآداب - جامعة تعز

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد