بقلم /
أبو زيد بن عبد القوي
أبو زيد بن عبد القوي
لن أطيل في الرد على أصحاب الغدير بل سأكتفي بنقل
كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه والذي نسف كل احتفالاتهم وجعلها رماداً تذروها
الرياح ومن الكتاب الذي يُجمع عليه جميع الشيعة كتاب "نهج البلاغة" فقد قلبته وقرأت
لعلي رضي الله عنه الكثير من الخطب والأقوال لعلي أظفر فيه بخطبة لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه بمناسبة الغدير فما وجدت أبداً رغم كثرة الخطب بل على العكس من ذلك وجدت فيه ما ينفي النص على الإمامة
في الغدير وغيره جملة وتفصيلا فإلى التفاصيل التي تكشف حقيقة أصحاب الأضاليل : أمير
بر أو فاجر ها هو علي رضي الله عنه يرد على باطل الخوارج ويرد على باطل أصحاب
الغدير فيقول في "نهج البلاغة" 1/91 : ( ومن كلام له عليه السلام في الخوارج لما
سمع قولهم لا حكم إلا لله قال عليه السلام كلمة حق يراد بها باطل نعم إنه لا حكم
لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله : وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل
في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به الفيء ويقاتل
به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من
فاجر ) فلو كانت الإمامة بنص إلهي في الغدير لما قال رضي الله عنه " لا بد للناس من
أمير بر أو فاجر" !! لأن من يختاره الله سبحانه لا يكون فاجرا !! أحق الناس
بالإمامة أتعب نفسه وأشقى من معه من يحاول إثبات النص الإلهي على علي رضي الله عنه
في الغدير !! لأن علياً رضي الله عنه يرد كل ذلك ويذكر من هو أحق الناس بالخلافة
والإمامة فيقول في 2/86: ( أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم
بأمر الله فيه .
فإن شغب شاغباً استعتب فإن أبى قوتل ولعمري لئن كانت الإمامة لا
تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها
ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار ) إذاً هي تنعقد باختيار البشر وليس
باختيار رب البشر في الغدير أو غيره !! بيعة لا وصية كان علي رضي الله عنه يتحدث عن
البيعة لا عن الوصية طوال فترة خلافته !! وما ذكر آية الولاية ولا التصدق بالخاتم
طوال حياته ولا الغدير حتى جاء الحوثي ومن سلك مسلكه ليحدثونا عن آية الولاية وحديث
الغدير !! لكن ها هو علي يرد عليهم بالحديث عن البيعة كما في "نهج البلاغة" 2/222 (
ومن كلام له في وصف بيعته بالخلافة .....
وبسطتم يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها
ثم تداككتم عليّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ......
الخ) بالاختيار
أم بالغدير ؟!! لو كان هناك آية اسمها "آية الولاية" أو النص في الغدير لكان الواجب
على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه تذكير الناس بها أو بالغدير وإثبات
خلافته وإمامته بواسطتها أو بواسطة حديث الغدير !! لكنه بدلاً من ذلك يقول في 3/3 :
( وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيرين ) فمن نصدق يا عباد الله
؟ هل هي بيعة أم ولاية في الغدير ؟! هل الخلافة والولاية تكون بالبيعة الشرعية ؟!
أم أنها بنص الغدير المزعوم كما يقول الرافضة ومن سلك مسلكهم ؟ الجواب سيكون بمعرفة
كيف أصبح علي خليفة للمسلمين ؟! لنستمع إلى علي رضي الله عنه حيث يقول في 3/7 (
بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد
أن يختار ولا للغائب أن يرد ) وهو كلام واضح وفصيح وبليغ ليس فيه كلام رجيع ولا طعن
وجيع !!! ومنه نستخلص بعض المواضيع ومنها :- 1- أنها بيعة شرعية من الرعية وليست
وصية في الغدير أو غيره !! 2- يقر بصحة خلافة الثلاثة الراشدين ويرتبهم حسب ترتيبهم
الشرعي !!! 3- بل يستمد شرعية خلافته من شرعية الثلاثة الذين قبله !!! 4- يرد على
كل كذاب محتفل بالغدير !! بالشورى أم بالغدير ؟! تعال لنواصل الاستماع إلى كلام علي
رضي الله عنه الذي يقول في 3/7 : ( وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا
على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى
ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ) إذاً
ليس الله عز وجل العلي القدير !! وليس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الغدير !!
بل المهاجرون والأنصار هم من يختارون الإمام يا خبير !!! فهي شورى وهم من يسمون
الأمير لا نص الغدير !! وفوق ذلك كله فهي شورى للمهاجرين والأنصار بنص كلام الأمير
رضي الله عنه وأرضاه ومن احتفل بالغدير فهو يكذب الأمير رضي الله عنه !! وعندها لن
يحظى بغير الإثم والشين !! حملتموني عليها !! لو أنك قرأت نهج البلاغة قراءة الفاحص
الخبير لما انطلت عليك روايات تشبه قصص الزير !! والنصوص كثيرة لا يتسع المقام
لنقلها ولكن أنقل لك ما يزيل عنك الشك والحيرة !! يقول علي رضي الله عنه في2/184 (
والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة.
ولكنكم دعوتموني إليها
وحملتموني عليها ) فتأمل !! علي رضي الله عنه يقسم بالله العظيم ( والله ما كانت لي
في الخلافة رغبة ) وهؤلاء يصرون على الحنث العظيم !! بالحديث عن وجود نص الهي في
سورة المائدة يحدد لمن الإمامة وولاية الأمة !! ونص نبوي في الغدير دون أن يدري
الأمير؟ دعوني والتمسوا غيري !! لو كان هناك نصاً في الغدير كما يقول الحوثيون
وأضرابهم لكان الإثم الأكبر على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لأنه رفض أمر الله
سبحانه وتعالى بتعيينه خليفة عندما قال لمن جاء لمبايعته : دعوني والتمسوا غيري !!!
وإليك النص كاملاً من نهج البلاغة لتعرف حقيقة جهل الحوثي وأتباعه ففي 1/ 181-182 (
ومن خطبة له عليه السلام لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه : دعوني
والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان .
لا تقوم له القلوب ولا تثبت
عليه العقول .
وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت وعلموا أني إن أجبتكم ركبت
بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ) فأين الغدير من قوله دعوني
والتمسوا غيري ؟!! أنا لكم وزير خير لكم مني أمير إذا واصلنا قراءة كلام علي رضي
الله عنه نجده يخبرنا بأمور كان يعلمها كل مسلم في حينه ومنها أن المسلمين هم الذين
يختارون من يريدون لولاية أمرهم وليس خرافة النص الإلهي وأسطورة الوصية النبوية في
الغدير !! يقول علي رضي الله عنه في نفس الصفحة السابقة ( وإن تركتموني فأنا كأحدكم
ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم.
وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا )
فلو كان كما يقول الحوثي !!! قد عينه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الغدير
فكيف يقول رضي الله عنه ( دعوني ) !!؟ وكيف يقول ( أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا
) ؟!! بل ها هو رضي الله عنه يثبت أن المهاجرين والأنصار هم الذين يختارون الخلفاء
والأئمة بقوله : ( لمن وليتموه أمركم ) وليست اختياراً إلهيا في الغدير أو غيره كما
يفتري من شق صف الأمة !!!.
علي خليفة وإمام على ماذا ؟ إذا أردت أن تعرف حماقة
وجهل أصحاب الاحتفال بالغدير فما عليك سوى توجيه هذا السؤال الخطير : علي رضي الله
عنه عين خليفة على ماذا ؟ هل على الجزيرة العربية والعراق والشام أم على رقعة صغيرة
لا تزيد على ثلاث مدن ؟ الجواب سنجعله لأحد أكبر علماء الاثنى عشرية وهو يوسف
البحراني في كتابه "الشهاب الثاقب" ص59 : ( لأنه لم يكن دخل في الإسلام من البلدان
في زمنه صلى الله عليه وآله إلا المدينة ومكة والطائف وأما اليمن وبعض أطراف الحجاز
وإن أسلم كثير منهم إلا أنهم ارتدوا إلا القليل بعد موته صلى الله عليه وآله ) وإذا
أردت أن تعرف من الذي أخضع الجزيرة العربية كاملة لحكم الإسلام بعد حروب دامية لا
مثيل لها فاعلم أنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في
الطريق بل وفي خلال عام فقط قضى على الردة العارمة وفي العام الثاني أرسل الجيوش
لتتحدى وتنتصر على أقوى قوتين في الأرض فارس والروم !! وفي خلال عامين من حكم
الصديق رضي الله عنه امتدت رقعة الإسلام إلى حوالي 4 مليون كم2 !!! وهذا لم يحصل
لأحد في التاريخ على الإطلاق !! ثم جاء عمر رضي الله عنه فزاد في عشر سنوات 6 مليون
كم2 وأصبحت رقعة الدولة الإسلامية 10 مليون كم2 !! وجاء عثمان رضي الله عنه وزاد في
الفتوحات حوالي 3 مليون كم2 واستلم علي رضي الله عنه دولة عملاقة مساحتها حوالي 13
مليون كم2 وأصبح إماماً وخليفة عليها بدلاً من إمامته على مكة والمدينة والطائف
التي يزعم الحمقى أن له وصية بها !! ومن لم يفهم ما سبق فليراجع ويعالج عقله ففيه
كل الخلل !! الإمامة الإلهية في الغدير !! ثم أن كان اغتصاب الخلافة ومخالفة الوصية
التي هي باختيار رب السماء كفر وردة فما حال من يردها وهو المختار لها ؟ فهذا علي
رضي الله عنه يقول في أهم مصدر من مصادر الشيعة ( دعوني والتمسوا غيري ) !!! أليس
هذا رفضاً صريحاً لمنصب إلهي اختاره الله ؟ فأما أن نقول بقولكم فيكون حكم على مثل
حكم غيره من الصحابة وبذلك يكفرون جميعاً !! أو تقولوا بقولنا وهي أنه لم تكن هناك
ولاية ولا وصية ولا إمامة في الغدير أو غيره يشهد لذلك ما جاء في نهج البلاغة من
كلام على نفسه حيث يقول : ( لقد بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمرو وعثمان )
ويكون الجميع إخوانا ؟ وإلا أجيبونا وأفتونا ووضحوا لنا ؟!! وأوضح منها وأصرح ما
فعله الحسن فبعد أن جعلوا الإمامة منصباً إلهياً منكرها كافر مرتد وجعلوا إمامهم
الأول علي والثاني الحسن ......
الخ 12 إماما.
وصبوا جام غضبهم على الصحابة
لأنهم عصوا الله عز وجل برفضهم لهذه الإمامة الإلهية !!!! نسوا وتناسوا أو تجاهلوا
أن هذا المنصب الإلهي قد تنازل عنه إمامنا الحسن بن علي طواعية وسلم المنصب الإلهي
إلى معاوية !!! فإن كان منكرها كافرا فكيف بمن سلمها وقدمها ليس لمسلم حسب زعمهم بل
لا كفر الكفار ؟!! فبالله عليكم يا أولي الأبصار يا من لهم سمع وبصر أليس هذا بذاته
هو تكفير لإمامنا الحسن بن علي بن أبي طالب ؟!! فكيف جاز له أن يتنازل أولاً عن
المنصب الإلهي ثم والأخطر يقوم بتسليم المنصب الإلهي لأكفر الكفار وهو معاوية ؟!!
وتخيل معي !! تخيل أن الإمامة مثل النبوة اختيار إلهي من الله عز وجل فهل تتخيل أن
الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بتسليم النبوة لأبي جهل أو أبي لهب هل تتخيل هذا ؟!
لماذا لم تُذكر الإمامة في خطبة الوداع ؟ اجتمع الآلاف من جميع المدن والقبائل في
حجة الوداع وقد خطب بهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة 9 ذو الحجة خطبة الوداع
ومما جاء في هذه الخطبة قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن دمائكم وأموالكم حراماً
عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية موضوع
تحت قدمي إلى قوله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت
وأديت ونصحت فقال : ....
اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ) ( البداية والنهاية
5/163 للحافظ ابن كثير ) وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما نزول قوله تعالى : (
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) المائدة3 .
عشية عرفة فلو كانت الإمامة
من أركان الدين فلماذا لم يذكرها في هذا الجمع العظيم ؟ وأجل ذكرها إلى 18 ذو الحجة
في غدير خم (1) على بعد 260 كم من مكة ؟ وما بقي معه إلا أهل المدينة ؟ وهل يعقل أن
ينسى الجميع الإمامة في الغدير وما بينها وبين وفاة البشير النذير عليه أفضل الصلاة
والتسليم إلا أقل من ثلاثة أشهر ؟!! بل لماذا لم يحتج علي رضي الله عنه بالإمامة في
الغدير على المهاجرين والأنصار الذين بسيوفهم قام الدين وانتشر في العالمين ؟
الجواب : إن عليا رضي الله عنه وغيره قد فهموا أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم "من
كنت مولاه فعلي مولاه" هو ثناء على علي وبيان فضله لا أقل ولا أكثر بسبب القيل
والقال الذي حصل عندما انتزع علي رضي الله عنه الحلل الجديدة من الجيش الذي كان
أميراً عليه عندما لقيهم قبل دخولهم مكة وقد ذكرنا تفاصيل ذلك في الحلقات
السابقة.
الملازم تحت المجهر إن شاء الله تعالى يوم السبت القادم نعود إلى ملازم
حسين بدر الدين الحوثي ونعرض بعض ما فيها نزولاً عند رغبة أنصاره والله
الموفق.
الهامش: (1)غدير خُم : موضع بين مكة والمدينة وهو وادي عند الجحفة به
غدير يقع شرق رابغ بما يقرب بحوالي 26كم وخُم اسم رجل صباغ نسب إليه الغدير والغدير
هو : مستنقع من ماء المطر.
انظر للتفاصيل أكثر معجم البلدان
وغيره.
كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه والذي نسف كل احتفالاتهم وجعلها رماداً تذروها
الرياح ومن الكتاب الذي يُجمع عليه جميع الشيعة كتاب "نهج البلاغة" فقد قلبته وقرأت
لعلي رضي الله عنه الكثير من الخطب والأقوال لعلي أظفر فيه بخطبة لعلي بن أبي طالب
رضي الله عنه بمناسبة الغدير فما وجدت أبداً رغم كثرة الخطب بل على العكس من ذلك وجدت فيه ما ينفي النص على الإمامة
في الغدير وغيره جملة وتفصيلا فإلى التفاصيل التي تكشف حقيقة أصحاب الأضاليل : أمير
بر أو فاجر ها هو علي رضي الله عنه يرد على باطل الخوارج ويرد على باطل أصحاب
الغدير فيقول في "نهج البلاغة" 1/91 : ( ومن كلام له عليه السلام في الخوارج لما
سمع قولهم لا حكم إلا لله قال عليه السلام كلمة حق يراد بها باطل نعم إنه لا حكم
لله ولكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله : وإنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل
في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به الفيء ويقاتل
به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح به بر ويستراح من
فاجر ) فلو كانت الإمامة بنص إلهي في الغدير لما قال رضي الله عنه " لا بد للناس من
أمير بر أو فاجر" !! لأن من يختاره الله سبحانه لا يكون فاجرا !! أحق الناس
بالإمامة أتعب نفسه وأشقى من معه من يحاول إثبات النص الإلهي على علي رضي الله عنه
في الغدير !! لأن علياً رضي الله عنه يرد كل ذلك ويذكر من هو أحق الناس بالخلافة
والإمامة فيقول في 2/86: ( أيها الناس إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأعلمهم
بأمر الله فيه .
فإن شغب شاغباً استعتب فإن أبى قوتل ولعمري لئن كانت الإمامة لا
تنعقد حتى يحضرها عامة الناس فما إلى ذلك سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها
ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار ) إذاً هي تنعقد باختيار البشر وليس
باختيار رب البشر في الغدير أو غيره !! بيعة لا وصية كان علي رضي الله عنه يتحدث عن
البيعة لا عن الوصية طوال فترة خلافته !! وما ذكر آية الولاية ولا التصدق بالخاتم
طوال حياته ولا الغدير حتى جاء الحوثي ومن سلك مسلكه ليحدثونا عن آية الولاية وحديث
الغدير !! لكن ها هو علي يرد عليهم بالحديث عن البيعة كما في "نهج البلاغة" 2/222 (
ومن كلام له في وصف بيعته بالخلافة .....
وبسطتم يدي فكففتها ومددتموها فقبضتها
ثم تداككتم عليّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ......
الخ) بالاختيار
أم بالغدير ؟!! لو كان هناك آية اسمها "آية الولاية" أو النص في الغدير لكان الواجب
على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه تذكير الناس بها أو بالغدير وإثبات
خلافته وإمامته بواسطتها أو بواسطة حديث الغدير !! لكنه بدلاً من ذلك يقول في 3/3 :
( وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيرين ) فمن نصدق يا عباد الله
؟ هل هي بيعة أم ولاية في الغدير ؟! هل الخلافة والولاية تكون بالبيعة الشرعية ؟!
أم أنها بنص الغدير المزعوم كما يقول الرافضة ومن سلك مسلكهم ؟ الجواب سيكون بمعرفة
كيف أصبح علي خليفة للمسلمين ؟! لنستمع إلى علي رضي الله عنه حيث يقول في 3/7 (
بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد
أن يختار ولا للغائب أن يرد ) وهو كلام واضح وفصيح وبليغ ليس فيه كلام رجيع ولا طعن
وجيع !!! ومنه نستخلص بعض المواضيع ومنها :- 1- أنها بيعة شرعية من الرعية وليست
وصية في الغدير أو غيره !! 2- يقر بصحة خلافة الثلاثة الراشدين ويرتبهم حسب ترتيبهم
الشرعي !!! 3- بل يستمد شرعية خلافته من شرعية الثلاثة الذين قبله !!! 4- يرد على
كل كذاب محتفل بالغدير !! بالشورى أم بالغدير ؟! تعال لنواصل الاستماع إلى كلام علي
رضي الله عنه الذي يقول في 3/7 : ( وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا
على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى
ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ) إذاً
ليس الله عز وجل العلي القدير !! وليس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الغدير !!
بل المهاجرون والأنصار هم من يختارون الإمام يا خبير !!! فهي شورى وهم من يسمون
الأمير لا نص الغدير !! وفوق ذلك كله فهي شورى للمهاجرين والأنصار بنص كلام الأمير
رضي الله عنه وأرضاه ومن احتفل بالغدير فهو يكذب الأمير رضي الله عنه !! وعندها لن
يحظى بغير الإثم والشين !! حملتموني عليها !! لو أنك قرأت نهج البلاغة قراءة الفاحص
الخبير لما انطلت عليك روايات تشبه قصص الزير !! والنصوص كثيرة لا يتسع المقام
لنقلها ولكن أنقل لك ما يزيل عنك الشك والحيرة !! يقول علي رضي الله عنه في2/184 (
والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة.
ولكنكم دعوتموني إليها
وحملتموني عليها ) فتأمل !! علي رضي الله عنه يقسم بالله العظيم ( والله ما كانت لي
في الخلافة رغبة ) وهؤلاء يصرون على الحنث العظيم !! بالحديث عن وجود نص الهي في
سورة المائدة يحدد لمن الإمامة وولاية الأمة !! ونص نبوي في الغدير دون أن يدري
الأمير؟ دعوني والتمسوا غيري !! لو كان هناك نصاً في الغدير كما يقول الحوثيون
وأضرابهم لكان الإثم الأكبر على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لأنه رفض أمر الله
سبحانه وتعالى بتعيينه خليفة عندما قال لمن جاء لمبايعته : دعوني والتمسوا غيري !!!
وإليك النص كاملاً من نهج البلاغة لتعرف حقيقة جهل الحوثي وأتباعه ففي 1/ 181-182 (
ومن خطبة له عليه السلام لما أريد على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه : دعوني
والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان .
لا تقوم له القلوب ولا تثبت
عليه العقول .
وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت وعلموا أني إن أجبتكم ركبت
بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ) فأين الغدير من قوله دعوني
والتمسوا غيري ؟!! أنا لكم وزير خير لكم مني أمير إذا واصلنا قراءة كلام علي رضي
الله عنه نجده يخبرنا بأمور كان يعلمها كل مسلم في حينه ومنها أن المسلمين هم الذين
يختارون من يريدون لولاية أمرهم وليس خرافة النص الإلهي وأسطورة الوصية النبوية في
الغدير !! يقول علي رضي الله عنه في نفس الصفحة السابقة ( وإن تركتموني فأنا كأحدكم
ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم.
وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا )
فلو كان كما يقول الحوثي !!! قد عينه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الغدير
فكيف يقول رضي الله عنه ( دعوني ) !!؟ وكيف يقول ( أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا
) ؟!! بل ها هو رضي الله عنه يثبت أن المهاجرين والأنصار هم الذين يختارون الخلفاء
والأئمة بقوله : ( لمن وليتموه أمركم ) وليست اختياراً إلهيا في الغدير أو غيره كما
يفتري من شق صف الأمة !!!.
علي خليفة وإمام على ماذا ؟ إذا أردت أن تعرف حماقة
وجهل أصحاب الاحتفال بالغدير فما عليك سوى توجيه هذا السؤال الخطير : علي رضي الله
عنه عين خليفة على ماذا ؟ هل على الجزيرة العربية والعراق والشام أم على رقعة صغيرة
لا تزيد على ثلاث مدن ؟ الجواب سنجعله لأحد أكبر علماء الاثنى عشرية وهو يوسف
البحراني في كتابه "الشهاب الثاقب" ص59 : ( لأنه لم يكن دخل في الإسلام من البلدان
في زمنه صلى الله عليه وآله إلا المدينة ومكة والطائف وأما اليمن وبعض أطراف الحجاز
وإن أسلم كثير منهم إلا أنهم ارتدوا إلا القليل بعد موته صلى الله عليه وآله ) وإذا
أردت أن تعرف من الذي أخضع الجزيرة العربية كاملة لحكم الإسلام بعد حروب دامية لا
مثيل لها فاعلم أنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه رفيق الرسول صلى الله عليه وسلم في
الطريق بل وفي خلال عام فقط قضى على الردة العارمة وفي العام الثاني أرسل الجيوش
لتتحدى وتنتصر على أقوى قوتين في الأرض فارس والروم !! وفي خلال عامين من حكم
الصديق رضي الله عنه امتدت رقعة الإسلام إلى حوالي 4 مليون كم2 !!! وهذا لم يحصل
لأحد في التاريخ على الإطلاق !! ثم جاء عمر رضي الله عنه فزاد في عشر سنوات 6 مليون
كم2 وأصبحت رقعة الدولة الإسلامية 10 مليون كم2 !! وجاء عثمان رضي الله عنه وزاد في
الفتوحات حوالي 3 مليون كم2 واستلم علي رضي الله عنه دولة عملاقة مساحتها حوالي 13
مليون كم2 وأصبح إماماً وخليفة عليها بدلاً من إمامته على مكة والمدينة والطائف
التي يزعم الحمقى أن له وصية بها !! ومن لم يفهم ما سبق فليراجع ويعالج عقله ففيه
كل الخلل !! الإمامة الإلهية في الغدير !! ثم أن كان اغتصاب الخلافة ومخالفة الوصية
التي هي باختيار رب السماء كفر وردة فما حال من يردها وهو المختار لها ؟ فهذا علي
رضي الله عنه يقول في أهم مصدر من مصادر الشيعة ( دعوني والتمسوا غيري ) !!! أليس
هذا رفضاً صريحاً لمنصب إلهي اختاره الله ؟ فأما أن نقول بقولكم فيكون حكم على مثل
حكم غيره من الصحابة وبذلك يكفرون جميعاً !! أو تقولوا بقولنا وهي أنه لم تكن هناك
ولاية ولا وصية ولا إمامة في الغدير أو غيره يشهد لذلك ما جاء في نهج البلاغة من
كلام على نفسه حيث يقول : ( لقد بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمرو وعثمان )
ويكون الجميع إخوانا ؟ وإلا أجيبونا وأفتونا ووضحوا لنا ؟!! وأوضح منها وأصرح ما
فعله الحسن فبعد أن جعلوا الإمامة منصباً إلهياً منكرها كافر مرتد وجعلوا إمامهم
الأول علي والثاني الحسن ......
الخ 12 إماما.
وصبوا جام غضبهم على الصحابة
لأنهم عصوا الله عز وجل برفضهم لهذه الإمامة الإلهية !!!! نسوا وتناسوا أو تجاهلوا
أن هذا المنصب الإلهي قد تنازل عنه إمامنا الحسن بن علي طواعية وسلم المنصب الإلهي
إلى معاوية !!! فإن كان منكرها كافرا فكيف بمن سلمها وقدمها ليس لمسلم حسب زعمهم بل
لا كفر الكفار ؟!! فبالله عليكم يا أولي الأبصار يا من لهم سمع وبصر أليس هذا بذاته
هو تكفير لإمامنا الحسن بن علي بن أبي طالب ؟!! فكيف جاز له أن يتنازل أولاً عن
المنصب الإلهي ثم والأخطر يقوم بتسليم المنصب الإلهي لأكفر الكفار وهو معاوية ؟!!
وتخيل معي !! تخيل أن الإمامة مثل النبوة اختيار إلهي من الله عز وجل فهل تتخيل أن
الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بتسليم النبوة لأبي جهل أو أبي لهب هل تتخيل هذا ؟!
لماذا لم تُذكر الإمامة في خطبة الوداع ؟ اجتمع الآلاف من جميع المدن والقبائل في
حجة الوداع وقد خطب بهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة 9 ذو الحجة خطبة الوداع
ومما جاء في هذه الخطبة قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن دمائكم وأموالكم حراماً
عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية موضوع
تحت قدمي إلى قوله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت
وأديت ونصحت فقال : ....
اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ) ( البداية والنهاية
5/163 للحافظ ابن كثير ) وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما نزول قوله تعالى : (
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) المائدة3 .
عشية عرفة فلو كانت الإمامة
من أركان الدين فلماذا لم يذكرها في هذا الجمع العظيم ؟ وأجل ذكرها إلى 18 ذو الحجة
في غدير خم (1) على بعد 260 كم من مكة ؟ وما بقي معه إلا أهل المدينة ؟ وهل يعقل أن
ينسى الجميع الإمامة في الغدير وما بينها وبين وفاة البشير النذير عليه أفضل الصلاة
والتسليم إلا أقل من ثلاثة أشهر ؟!! بل لماذا لم يحتج علي رضي الله عنه بالإمامة في
الغدير على المهاجرين والأنصار الذين بسيوفهم قام الدين وانتشر في العالمين ؟
الجواب : إن عليا رضي الله عنه وغيره قد فهموا أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم "من
كنت مولاه فعلي مولاه" هو ثناء على علي وبيان فضله لا أقل ولا أكثر بسبب القيل
والقال الذي حصل عندما انتزع علي رضي الله عنه الحلل الجديدة من الجيش الذي كان
أميراً عليه عندما لقيهم قبل دخولهم مكة وقد ذكرنا تفاصيل ذلك في الحلقات
السابقة.
الملازم تحت المجهر إن شاء الله تعالى يوم السبت القادم نعود إلى ملازم
حسين بدر الدين الحوثي ونعرض بعض ما فيها نزولاً عند رغبة أنصاره والله
الموفق.
الهامش: (1)غدير خُم : موضع بين مكة والمدينة وهو وادي عند الجحفة به
غدير يقع شرق رابغ بما يقرب بحوالي 26كم وخُم اسم رجل صباغ نسب إليه الغدير والغدير
هو : مستنقع من ماء المطر.
انظر للتفاصيل أكثر معجم البلدان
وغيره.
