;

أسواق المشتقات والنزوات المفاجئة ..."الحلقة «47» 780

2009-11-15 04:58:37

لا مراء
في أن أسواق رأس المال قد ترابطت كما لو كانت شبكة مياه في مدينة ما لكن في الحقيقة
هي أن قياس هذه الترابطات والعلاقات قد صار من يوم لآخر أكثر صعوبة وتعقيداً فتجارب
الأمس يمكن ألا يكون منها جدوى في الغد. .

وفي الحقيقة فإن هذا الشرط ليس أمراً متحققاً دائماً وأبداً فكلما صارت
العلاقات والترابطات بين الأسواق أشمل وأكثر تعقيداً كانت هناك عناصر أكثر تحدداً
وفي آن واحد مستويات الارتفاع والانخفاض، كان أكبر المخاطر أن تتطور أسعار
السندات على نحو فوضوي فكما تسببت معاملات الخيارات في السندات التي قامت بها
المصارف العقارية في انهيار السوق العالمية للسندات فإنه من الممكن جداً أن تسبب
غداً ترابطات أخرى ليست في الحسبان الآن وكانت النزوات المفاجئة في أسواق المشتقات
قد تحولت إلى طامة كبرى للعديد من بهلوانيي المال.
كما أنها كلفت عدداً لا يحصى
من المؤسسات الرصينة خسائر بلغت المليارات ففي قائمة الضحايا الطويلة هناك مثلاًُ
شركة metallgeellschaft في فرانكفورت التي لم تنج من إعلان الإفلاس إلا بدعم
العملاق Daiva وشركات التأمين الألمانية وغير ذلك من الشركات الكبيرة وكان Leeson
Brite Nick قد تسبب في حدوث أكبر كارثة حلت حتى فبراير 1995 وإن كان في السابعة
والعشرين من العمر آنذاك فمضارباته الخاسرة بالخيارات على مؤشر نيكي للأسهم
اليابانية في بورصة سنغافورة كبدت المصرف اللندني خسارة بلغت 1. 8 مليار مارك
وأجبرته وهو أقدم مصرف بريطاني على إعلان الإفلاس وهكذا وعلى نحو مغامر بان للعيان
ما كان قد وقف عليه الموظفون المسؤولون عن الرقابة على المصارف.
منذ سنوات عديدة
أعني أن التطور الانفجاري في حجم التعامل بالمشتقات لم يزد من المخاطر في المعاملات
المالية فحسب بل أدى إلى زعزعة النظام الأمني الذي شيد في عشرات السنين من أجل
صيانة القطاع المالي من المخاطر.
اندلاع أكبر كارثة محتملة في أجهزة السيطرة
الإلكترونية على العمليات ومن حيث المبدأ فإن القائمين بالرقابة على المصرف ليسوا
معنيين كثيراً بالخسائر التي يمنى بها بعض الأفراد أو المصارف إلا أن الأمر يتحول
إلى خطر جم عندما تصبح مصارف وصناديق استثمار كبيرة الحجم غير قادرة على الدفع فهنا
يؤدي إلى زعزعة النظام برمته وتعريضه للمخاطر فإفلاس مصرف كبير واحد يمكن أن يتسبب
بين ليلة وضحاها في إفلاس مصارف أخرى في العالم وكان HORST KOEHLER رئيس اتحاد
صناديق الادخار الألمانية قد أعرب في مطلع عام 1994 عن مخاوفه من هذه التطورات إذ
قال: وسرعان ما سينتقل الخطر إلى البورصات ومن هناك إلى أسعار الصرف إلى عالم
الاقتصاد الحقيقي أي الإنتاجي.
مؤكداً أن وقوع أكبر كارثة محتملة أمر ممكن بلا
أدنى شك، ففي هذه الحالة ستتوقف التجارة بالبضائع على نحو مفاجئ ويتدهور النظام
برمته ويغدو الانهيار الشامل الشبيه بالانهيار الذي عصف بالعالم في تلك الجمعة
السوداء من شهر أكتوبر من عام 1929 أمر لا مناص منه.
ولا ريب في أن KOEHLER قد
سمى الأمور بأسمائها عندما استعار مصطلح "وقوع أكبر كارثة محتملة" من لغة الهندسة
النووية فالمخاطر المحيطة بأسواق المال والآتية من الأسواق ذاتها تشبه فعلاً مخاطر
المفاعلات النووية وذلك من حيث ضآلة احتمال حدوث الكارثة من ناحية وعظمة النتائج
المتحققة في حالة اندلاع الكارثة من ناحية أخرى وفي هذه الحقيقة تكمن الأسباب التي
تدعوا سلطات الرقابة على القطاع المصرفي في الدول الصناعية ا لكبرى إلى أن يجتهدوا
منذ سنوات عديدة لفرض قيود صارمة فمنذ عام 1992 تسري من طوكيو إلى فرانكفورت قاعدة
تحتم على كل مصرف أن يغطي رأسماله ثمانية بالمائة من إجمالي ما منح من قروض على
أدنى تقدير فإذا عجز أحد المقترضين الكبار عن تسديد ما بذمته من قروض فسيغطي رأس
المال هذا النقص الحاصل ومع هذا فقد أفرغت المتاجرة بالمشتقات هذه القاعدة من
محتواها وجعلتها عديمة الجدوى فما بذمته من قرض فسيغطي رأس المال هذا النقص الحاصل
ومع هذا فقد أفرغت المتاجرة بالمشتقات هذه القاعدة من محتواها وجعلتها عديمة الجدوى
فما بذمة المتاجرين بالمشتقات من ديون لا يظهر في الميزانيات إلا ما ندر وإن ظهر
فإن تقييم مخاطره يظل أمراً متروكاً لبيوت المال نفسها.
ومنذ أن تفاقمت الفضائح
والكوارث ما فتئ موظفو الرقابة يدقون أجراس الخطر فها هو مثلاً Levitt Arthur رئيس
اللجنة الأمريكية للأوراق المالية يحذر وقبل فترة وجيزة فقط من الكارثة التي حلت
بمصرف Barings قائلاً: أن عقارب الساعة صارت تشير إلى "الثانية عشرة إلا خمس
دقائق".
من ناحية أخرى يرى Noelling Wilhelm الذي كان بصفته رئيس فرع المصرف
المركزي في هامبورج حتى عام 1992 عضواً في مجلس مديري المصرف المركزي الألماني
أنه يتعين على السياسة الدولية أن تتخذ كل السبل لحماية عالم المال من مغبة تصرفاته
هو نفسه، ولدرء مخاطر "وقوع أكبر كارثة محتملة في النظام المالي " وكذلك Felix
Rohotyn المصرفي في نيويورك والمرشح لمنصب نائب محافظ المصرف المركزي الأمريكي فهو
أيضاً لاحظ "الطاقة القاتلة الكامنة في إتلاف أدوات مالية جديدة مع أحدث أساليب
التقنية العالية في التعامل" فهذه كلها يمكن أن تساعد على اندلاع ردود فعل مدمرة
فالمخاطر التي تنطوي عليها أسواق المال العالمية أضحت اليوم أشد خطراً على
الاستقرار من الأسلحة النووية" وفي البوق نفسه نفخ في أبريل من عام 1995 Jochen
Sanii نائب رئيس مكتب الرقابة الاتحادية لشؤون القروض مؤكداً على أن ما حل بمصرف
Barings ليس سوى حدث بسيط نسبياً وأن الطامة الكبرى ستحل فيما لو عصفت الكارثة بأحد
اللاعبين الدوليين حقاً أن عدد بيوت المال ذات الوزن الشبيه بوزن ضئيل إلا أنها
تستقطب أكبر حصة في التعامل بالمشتقات.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد