;

التآمر الأمريكي يجعل من القمح سلاحاً قادم .."الحلقة الثانية والعشرون" 908

2009-10-15 04:43:37



العولمة بشكلها الراهن وقواعدها
المعاصرة. .
مشروع أميركي لا يستثنى من مكاسبه الكثير من البلدان النامية
والغالبية العظمى من دول القارة الأفريقية فحسب، بل ويرمي إلى العودة بالعالم إلى
العصر الاستعماري وترسيخ الهيمنة على خيرات الشعوب، من خلال السيطرة على الموارد
البترولية في العالم والهيمنة على حقوق براءات الاختراع والملكية الفكرية، والتحكم
بوسائل الاتصال الدولة،
واحتكار
إنتاج البذور الزراعية المعدلة جينياً، باعتبار أن احتكارها يمكن الولايات المتحدة
الأمريكية من السيطرة على أنتاج المواد الغذائية في العالم أجمع.
. يتناول هذا
الكتاب تحليل قضية العولمة من منظور عقلاني شامل يحيط بها من مختلف أبعادها ومن
منظور إنساني إذ عالج الأبعاد المختلفة للعولمة وما صاحبها من تدهور مستوى المعيشة
وأتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وتقليص دور الدولة في مجال الخدمات، كما تتميز
بالدفاع عن العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
الكتاب الذي ترجمة
الدكتور/ عدنان عباس علي والصادر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت
قدم مؤلفاه "هانس بيتر مارتين وهارالدشومان " وجهة نظر مختلف عما هو شائع من
الأحاديث والأفكار الملتهية حول العولمة والتي تدور الآن بين المثقفين
العرب.
الصراع من أجل العيش والحياة لا يمكن أن يكون البديل للتحولات الاجتماعية
التي صاغها مفكرون من أمثال دنس ميدوز في كتابة "حدود النمو" المنشور عام 1972م أو
نائب الرئيس الأميركي آل جور في كتابة "الطريق إلى التوازن" المنشور في عام
1992م.
وفي صيف عام 1989 كانت مشكلات البيئة والكارثة المناخية لأول مرة على
جدول أعمال مؤتمر قادة الدول السبع الأقوى اقتصادياً، وكان هذا الاهتمام قد بدأ كما
لو كان مؤشراً على حدوث تحول في تفكير قادة هذه الدول المؤثرة وكان معهد واشنطن
للثروات الطبيعية العالمية ذو الرأي المسموع في الأوساط الحكومية الأميركية قد قال
في تعليق نال اهتماماً واسعاً وعريضاً.
إن "التسعينيات ستغدو العقد الحاسم وقد
عزز هذا الرأي عالم الأحياء توماس لوفيوبي في واشنطن عندما أكد أن "الجهود الحاسمة
سيتحدد مصير نجاحها أو فشلها في التسعينيات" وبعد أشهر قليلة من ذلك سقط جدار برلين
الأمر الذي دفع الكثير من المتفائلين إلى الاعتقاد بأن النضال من أجل إنقاذ
المعمورة سيحل بدل الحرب الأيدلوجية بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي.
وفي
بادئ الأمر كان لهذا التصور بريقه لا سيما أن المرء قد توافرت له الآن طاقات هائلة
كانت مخصصة فيما مضى لإدارة متطلبات الحرب الباردة المشتعلة بتكاليف باهظة وهائلة
وبحماس منقطع النظير إلا أن النتيجة لم تكن للأسف على هذا النحو ولربما يعود سبب
ذلك إلى أن مناهضة الشيوعية كانت تنصب على عدو خارجي واضح وأن هذه المناهضة كانت
حصيلة غرائزنا البشرية نحن أنفسنا كما يقول براتراند شنايدر من نادي روما.
القمح
كقوة عظمى إلى جانب نادي روما يعتبر لستر براون واحد من أشهر دعاة المحافظة على
البيئة بكل تأكيد فالمعهد الذي كان قد أسسه في واشنطن عام 1974 المسمى هو أكثر
المراكز البحثية الخاصة شهرة من حيث اقتباس الناس لنتائج ومقولاته وتترجم تقاريره
السنوية حول "وضع العالم" إلى 27 لغة وتحظى هذه التقارير باهتمام السياسيين وطلبة
الجامعات على حد سواء.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تستخدم هذه
التقارير كمذكرات في حوالي ألف من الدروس التي تقدمها الكليات والجامعات
سنوياً.
وبراون مستشار مرغوب فيه كثير تتباهى شخصيات العالم الكبيرة برفقته ومن
هذا ما كان لندوة جرباتشوف الاستغناء عنه طبعاً وهكذا فقد لبى النداء ودخل فندق
فيرمونت مرتدياً حذاء الرياضة وراح يمشي وهذه كلها من علاماته المميزة بخفة
ورشاقة على البساط الوثير الذي فرشت به ردهات الفندق الفسيحة، وأخذا مراقب العالم
يفتش عن صديقيه الحميمين "تيدوجين" أي تيد فرنر وزوجته جين فوندا، وفي الواقع فإن
الفضل في اهتمام مؤسسة CNN بشؤون البيئة يعود إلى براون ، فهو الذي دفعها ان تقدم
البرامج الوثائقية عن حالة البيئة وأن تتناول على نحو جاد الموضوعات التي ناقشتها
مؤتمرات الأمم المتحدة في السنوات المنصرمة ولا تجعل منها مادة للسخرية
والتهكم.
وكان رئيس مؤسسة CNN يتهيأ في حفلة الافتتاح وبعد دقائق وجيزة ليحيي
الضيوف المدعوين لحضور أعمال الندوة وكان ضمن المدعوين حملة جوائز نوبل من أمثال
"ديغو برتا مينخو" وكان هناك عشرات علب الكافيار من زنه الكيلوين تزين البوفيه،
ووقف في المطبخ المجاور مشاهير الطهاة الأمريكيين ، وفي الواقع فقد كان براون
مهتماً بالطعام أيضاً وإن كان الطعام الذي نال اهتمامه يختلف اختلافاً كلياً لقد
كان الرجل الشهير مضطرباً منفعلاً كما لو كان طالباً قد سمع للتو بأن البراهين قد
أثبتت مصداقية ما جاء في رسالته للماجستير من آراء ومقولات: "هل علمت أن الصين قد
صارت لأول مرة في تاريخها تستورد القمح بكميات كبيرة؟ من هو ذا الذي سيكون قادراً
في المستقبل على إطعام هذا البلد العملاق إن هذا سيترك آثاراً عظيمة علينا
جميعاً.
ويمضي براون في حديثه قائلاً: قبل أيام وجيزة التقى في واشنطن العاصمة
خبراء في الزراعة والمناخ وكذلك خبراء مختصون في تحليل ما تبثه الأقمار الصناعية من
صور، وبعد أن وصل الجميع إلى ردهة تقع في الطرف الجنوبي من وزارة الزراعة الأمريكية
، أقفل أحد الحراس المسلحين باباً حديدياً سميكاً من خلفهم، وكافة الاتصالات
الخارجية قد قطعت عن القاعة التي اجتمع فيها الخبراء كما أسدلت الستائر بحيث لم يعد
بإمكان احد رؤية العالم الخارجي وهكذا يمعنون النظر في فيض المعلومات المستقاة من
المجالات المختلفة ويقارنون بعضها بالبعض الآخر، وكان هذا اللقاء الذي يذكر المرء
بأساليب أجهزة المخابرات أو أفلام المافيا، يتمحور حول سلاح من المحتمل أن يستخدم
في سنوات معدودة من غير هوادة ، أنه الاحتياطي العالمي من الحبوب.
وهكذا
واحتياطياً للمستقبل، راحت الهيئة الأمريكية لمراقبة الزراعة العالمية تدرس على نحو
تآمري الوثائق المتعلقة بالإنتاج الكلي المتوقع لأهم أنواع الحبوب واستهلاكها فيما
يزيد عن مائة دولة وحتى هذا الحين كان الهدف من السرية يكمن في الرغبة بالا تتسرب
المعلومات ولا حتى قبل دقائق من انتهاء المداولات، فلو قدر للمضاربين الحصول على
معومات بشأن ا لوضع العالمي للقمح لكانوا قد حولوا في الحال عبر شبكات الكمبيوتر
التي تربط بين بورصات الحبوب ما لديهم من معلومات إلى أرباح هائلة وذلك لتعلق
مستقبل عدد لا يحصى من مصنعي المواد الزراعية والمتاجرين بالمواد الأولية ، بتنبؤات
هيئة الرقابة الأمريكية هذه، ولكن مع هذا تشهد الإحصائيات على أن الوضع المتفاقم
سيؤدي في القريب حسب توجس براون إلى صراعات سياسية عظيمة لأن بعض الدول ستسعى
في سياق النضال من أجل الموارد الغذائية إلى تحقيق كل ما يخطر على البال من
منافع. .
ففي عام 1995م انخفض احتياطي القمح والأرز والذرة وباقي أنواع الحبوب
إلى أدنى مستوى له منذ عقدين من الزمن.
ففي عام 1996 بلغ مخزون الحبوب في
مستودعات العالم حداً بحيث أنه لم يعد يكفي إلا لسد حاجة 49 يوماً فقط أي أنه بلغ
أدنى مستوى في التاريخ وكان مؤسس معهد قد زاد في التنبيه في فندق فيرمونت إذ راح
يقول: "لأول مرة في تاريخها صار يتعين على البشرية أن تأخذ في الحسبان أن حصة الفرد
الواحد من المواد الغذائية ستخفض باستمرار وعلى مدى فترة لا يمكن تحديدها، أيعني
هذا أن التحول الذي كان براون يحذر منه منذ سنوات ويسعى جاهداً إلى الوقوف في وجهة
قد صار أمراً واقعاً؟ أن هناك براهين كثيرة تؤكد هذا التحول فاحتياطي الذرة هو
الآخر قد وصل إلى أدنى حد له منذ عام 1975 ومن المحتمل جداً أن يواصل
تراجعه.
حقاً لقد فقدت التنبؤات بشأن الغذاء العالمي الكثير من مصداقيتها منذ أن
تبث نظرية روبرن مالتوس ولكن مع هذا فإن كل ا لدلائل تؤكد أن التفاقم الحاصل لا
يمكن مواجهته إلا "بثورة خضراء ثانية وعلى نحو عظيم يفوق كل ما عرفته البشرية حتى
الآن.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد عبدالملك المقرمي

2024-11-29 03:22:14

نوفمبر المتجدد

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد