بقلم :ممدوح طه
تأتي «قمة الرياض العربية» تنقية للأجواء بين أطراف المثلث العربي السعودى المصري السوري، لتمهيد الطريق إلى «قمة الدوحة العربية» التي تأتي تتويجا لدعوة المصالحة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت العربية لوقف تدهور النظام العربي.
وتأتى استجابة جبرية للمتغيرات الدولية الإيجابية في واشنطون والإقليمية السلبية في تل أبيب، التي تفرض على المتنازعين العرب الحوار أو الانهيار. . ليصبح ضرورة نجاح الحوار العربي الثنائي أو الثلاثي أو الرباعي والخماسي في «الرياض» شرطا ضروريا لتقوية الموقف العربي في مواجهة الضغط الغربي على فلسطين والسودان وعلى أكثر من بلد عربي، ولفتح الطريق لنجاح الحوار الوطني الفلسطيني واللبناني والعراقي بينما التحديات الداخلية والخارجية واضحة وخطيرة على مجمل المستقبل العربي.
كما يصبح إنجاح الحوار الفلسطيني الذي بدأ في القاهرة إسهاما ضروريا في تقوية الموقف الوطني والقومي العربي معا حين يفتح الطريق لموقف عربي جماعي أقوى في دعم جهود الحوار الوطني السوداني والصومالي وفي كل بلد عربي مستهدف، بما يفرغ الجهد العربي مواجهة التحدي الرئيسي الصهيوني، ويمكنه من تجاوز فخاخ الأعداء لإغراق العرب في فتن التناقضات الثانوية لاستنزافهم بالعداء مع أنفسهم أو مع أشقائهم أو جيرانهم بدلاً من عدوهم!
يحدث هذا عربيا بعدما بدأت أميركا تتغير، وتتحرك بالفعل في اتجاه الانسحاب من العراق وإنهاء الحرب في أفغانستان وهو اتجاه مطلوب ومرغوب فيه، وفي اتجاه الحوار والتفاوض مع سوريا ومع إيران ومع روسيا وفي أفغانستان، وإن كانت في فلسطين بانحيازها المسبق لإسرائيل وأمنها على حساب الفلسطينيين والعرب تجافي العدالة بما يمنع تحقيق السلام العادل، وفي السودان بسوء القراءة وبفهمها المقلوب تتعثر، بما يعرقل السير نحو عدالة السلام بشكل غير متوازن وغير مرغوب.
أوروبا هي الأخرى بدأت تتغير تدريجيا ولكن بشكل أبطأ تأثراً بحركة التغيير الأميركي، وتتفكك مع هذا التغيير الأطلسي حالات الاستقطابات الحادة والمتشنجة تجاه روسيا والصين، في عهد سياسات بوش الرعناء، وشهدنا تغييرا بالفعل في المؤتمر الأخير للحلف تمثل في إنهاء التعنت في موضوع الدرع الصاروخي، وعودة التعاون المجمد بين الناتو وروسيا، وتجاهل لمسألة ضم جورجيا وأوكرانيا للحلف.
الأحداث والتطورات في عموم وطننا العربي أو في عموم محيطنا الإقليمي أو في عموم عالمنا الدولي تتلاحق وبسرعة، بما يقول لنا بالفم الملآن أننا أمام بداية لمشهد جديد ل «عالم يتحرك ويتغير» في اتجاه الحوار بالسياسية بدلاً من الحرب، وصولا إلى التفاهم بدلا من التصادم، وعموما فالتغيير في حد ذاته دليل حيوية مطلوبة بشرط أن يكون في اتجاه إيجابي وبناء.
ووطننا العربي هو الأخر يتغير ويتحرك إيجابيا، رغم توالى التحديات والهجمات الخارجية الصهيونية والغربية السياسية والأمنية لتطويعه خصوصا على فلسطين والسودان، وبرغم الانقسامات والأزمات غير الصحية التي تعتريه على المستويين الوطني والعربي،«فالحرب العربية الباردة» التي انعكست سلبا على «النزاعات الوطنية الساخنة» في لبنان والعراق وفلسطين والصومال والسودان توشك أن تنتهي إلى وضع أكثر إيجابية بعد أن اتجهت إلى الحوار والمصالحة. لكن يبقى ضرورياً إعادة التأكيد على أن مثلث الأمن القومي العربي الحقيقي هو الوحدة الوطنية والوحدة العربية والوحدة العربية الإسلامية.