كروان عبد الهادي الشرجبي
من منا لا يجد في شخصيته رواسب من طفولته ومن البيئة التي عاش فيها والبيت الذي تلقى فيه أول دروس الحياة؟ ومن منا لم تبقَ في ذاكرته سطور تمر بين الحين والآخر في ذهنه فيعيشها بكل الحنين إليها.
وأحايين كثيرة نتمنى أن نمحوها من ذاكرتنا ولكننا لا نستطيع على الرغم من أنها تسبب لنا ألماً غير عادي والسبب يكون بأن المتسبب فيها هو أقرب الناس إلينا، فالأب الذي يترك أطفاله دون أن يسأل عنهم يوماً ولم يهتم لرويتهم بسبب انفصاله عن والدتهم هو بذلك يترك راسباً قوياً لا يمحى.
فكلنا نحتاج إلى حضن وحنان وعطف الأب، فهو من نتمنى أن نشعر بالأمان معه وتحت جناحيه.
قد يقول البعض "أنا لن أسامح أبي لأنه كان يرفض أن يراني أو يسمع صوتي وأنا طفل صغير وأنه حرمني من أجمل لفظ تردده الشفاه وهو لفظ أبي".
أليس من حقي بعد أن صرت شاباً أن تنفجر انفعالاتي تجاه من جرح مشاعري؟
صحيح أن الأيام لم تتمكن من أن تنسي الواحد منا النقص الذي عاش به ولكن إذا ما علمت يوماً أن أباك مرض وليس هناك من يرعاه وأرسل إليك حتى تقف إلى جانبه وأن تسامحه على كل ما مضى.
فما هو موقفك وردة فعلك؟
لا تدعني أفكر كثيراً لذلك سأجيب عنك، قد تقول لقد مرت السنوات وأنا يتيم على الرغم من وجوده على قيد الحياة ووصلت إلى مرحلة لم تجد في نفسك الرغبة لتذكره أو حتى معرفة أخباره وربما تناسيت أن لك أباً.
ولكن حين تراه أو تعرف أنه وحيد وعلى فراش المرض لحظتها سوف ترتجف مشاعرك وتحسن أحاسيسك وسوف تشعر بمدى ضعفك أمامه وتصفح عنه عما فعل في لحظات ضعفه تقرباً إلى مرضاة الله ومن ثم لشدة احتياجك له.
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM