كفى محمد سليمان الشوكاني
مسألة الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل الفرس الإيرانيين مسألة معقدة وبالمقابل فهي أكبر مطمع لكل دول العالم الكبيرة ولكنهم تواطئوا وتحالفوا مع الفرس كي يعطوها إياها من أجل إسداء خدمة الفرس للصليبيين وتقديم المعلومات الاستخباراتية التي تبين نقاط الضعف في صفوف العرب والمسلمين وزرع الشقاق والتفرق بينهم وقد نجح الإيرانيون في ذلك فلذلك قامت بريطانيا إبان نفوذها كدولة عظمى تمكين طهران من الجزر الإماراتية بالضغط والإكراه.
وهذه بعض المعلومات التي تدل على هذا التحالف الذي جر على العرب والمسلمين الويلات والشرور والمآسي.
ففي 15 إبريل 1837م جددت اتفاقية الهدنة البحرية وخلال فترة الهدنة لم تحدث أية أعمال عنف.
وإذا يدرك الشيخ سلطان بن صقر أهمية ذلك في تثبيت دعائم الاستقرار والسلام يقترح تحويل الهدنة إلى دائمة ولكن ذلك الصليبي البريطاني تعنت ورفض هذا الاقتراح لأنه يتعارض وأهداف بريطانيا التقسيمية، فهدفها لم يكن تثبيت الاستقرار والأمن بل ديمومة إثارة الخلافات والصراعات في المنطقة وبالتالي اقترح الصليبي هينيل تحويلها إلى سنوية، فوافق شيوخ الإمارات وتم توقيع هذه الاتفاقية الجديدة في 18 إبريل 1838م وظلت تتجدد سنوياً حتى عام 1942م.
وقد تمخض من هذا الوضع عنه نتائج إيجابية وأخرى سلبية فمن الناحية الإيجابية تم وضع حد للاشتباكات بين الإمارات العربية وتثبيت إلى حد كبير نوع من الأمن والسلام.
أما النتائج السلبية فأهمها:
1- إتاحة الفرصة لبريطانيا بأن تفرض سيطرتها بالتحقيق في الحوادث المخالفة لذلك النظام وتطبيقه وفرض عقوبات في حالة المخالفة مما أدى إلى التدخل البريطاني لاحقاً في الشؤون الداخلية للإمارات.
2- إضعاف مقاومة الإمارات العسكرية في الخليج العربي، فقد منعت هذه الاتفاقية عرب الخليج والتابعين لهم من التصدي علناً لأعدائهم والحيلولة دون رفع السلاح للدفاع عن أنفسهم بوجه المعتدي وبالتالي منعت سفن الإمارات من تجاوز الخط المانع مما كان له أثر كبير في عدم تجاوز السفن التجارية وكذلك الحربية، ومع الأيام الأسطول العسكري للإمارات نظراً لعدم إمكانية خروجه أبعد من هذا الخط وتحجمت قوة الأسطول ثم تدهورت فيما بعد.
3- منعت الاتفاقية العرب من الرد على الاعتداءات التي يتعرضون لها والاكتفاء بإشعار المقيم السياسي البريطاني في الخليج بوقوع تلك الاعتداءات.
وجاء في المادة الثالثة منها: في حالة وقوع عدوان على البحر على أي من مواطني الإمارات أو تابعيهم يعتبرون فرقاء في الهدنة فإن الإمارتين لم يلجأوا للانتقام مباشرة بل قاموا بإخبار الصليبي البريطاني الذي لم يتخذ الخطوات اللازمة للحصول على تعويض عن الأضرار التي حصلت وبهذا ضمنت إيران عدم المقاومة ولا الرد في كل حالات الاعتداء التي قامت بها على الجزر أو على أي ناحية عربية وأرادوا أن يكون التعويض مادياً هو البديل لهذا.
4- ضمنت بريطانيا لنفسها حرية الملاحة المطلقة في مياه الخليج، فلا سفن قراصنة تهدد سلامتها، ولا سفن غربية تنافسها في التجارة والعسكرة.
وهكذا يتأكد لنا من خلال ما ذكرناه أن بريطانيا وفي الجانب الشرقي من الخط المانع كانت تتواطئ مع بريطانيا وتدفعها إلى القيام بأعمال عدائية ضد الممتلكات العربية.