ممدوح طه
طوفان الغضب الشعبي الذي غمر العواصم والمدن والشوارع على امتداد العالم منذ بدء العدوان الوحشي الصهيوني على أهلنا في غزة الصمود والعزة، والذي لا يزال متفجرا بالغضب ومستمرا طالما استمر العدوان، وطالما استمر التخاذل الدولي لوقفه أو التردد في التصدي له، وطالما غاب الدعم لصمود «غزة»، هذا الطوفان لم يكن فلسطينيا ولا عربيا ولا إسلاميا فقط، بل كان أوروبيا وأميركيا وإسرائيليا أيضا. .
وعدا بعض المظاهرات المليونية الغاضبة في عدة عواصم عربية كصنعاء والخرطوم ودمشق والرباط وكثير من المظاهرات الألفية في العواصم الإسلامية كما شهدته « اسطنبول» مثلا عاصمة الخلافة العثمانية، أو « جاكارتا» عاصمة أكبر دولة إسلامية، بل وفي أكثر العواصم الغربية عداء لما هو عربي وإسلامي ك « واشنطن»و« لندن» و«باريس»، فلقد استطاع طوفان الغضب الشعبي أن يعبر عن نفسه في كثير من العواصم غير العربية بما هو أكثر مما استطاع الغضب الشعبي أن يعبر به عن نفسه في بعض العواصم العربية !!
وهذا الطوفان الذي تتسع قوته ورقعته لدى جل شعوب العالم مع كل يوم بل في كل ساعة يستمر فيها العدوان، خصوصا بعد رفض إسرائيل لقرار مجلس الأمن، الذي صيغ فضفاضا بنص أنجلو أميركي ليشكل غطاء زمنيا وقانونيا لاستمرار العدوان وليس لوقفه، بما جعله خالياً من أي قرار ومن أية آلية أو فورية، أو أسقف زمنية لتطبيقه، أو أية بنود عقابية لمن يمنع تحقيقه. .
وهو ما يجعلنا واثقين من أن كل يوم يسمح فيه المشاركون والمتواطئون والمترددون باستمرار حمامات الدم الفلسطيني في غزة سوف يدفع بالطوفان الشعبي للتحول إلى إعصار لا يتمدد فقط في الساحة العربية فقط بل في الغربية أيضاً وليس الإسلامية فقط وإنما في اليهودية أيضا. .
بما يجعل حصار الرأي العام العالمي يضيق أكثر وأكثر، ليس على الفلسطينيين المحاصَرين في غزة، بل على المحاصِرين الصهاينة والأميركان، ومن تبعهم بغير عقل ولا ضمير في تلك الجريمة الحربية الوحشية ضد الإنسانية، ليضعهم جميعا في قفص الاتهام أمام محكمة الشعوب!
لقد بدا لافتا في أميركا معقل النفوذ اليهودي والصهيوني وفي أوروبا مثلا أن ترتفع أصوات بعض الحاخامات اليهود من مثقفي منظمة «ناتورى كارتا» اليهودية المناهضة للصهيونية تعتبر أن الدولة الصهيونية بتركيبتها الحالية وأيديولوجيتها السياسية مخالفة للشريعة اليهودية، مثلما نعتبر نحن «الدولة اليهودية» دولة استعمارية توسعية استيطانية حين تحتل فلسطين، وإرهابية عدوانية حين ترهب الفلسطينيين بالعدوان، وعنصرية غير مدنية حين لا تعترف بالإسلام أو المسيحية، ولا ديمقراطية حين لا تساوي بين اليهود المهاجرين والعرب المواطنين الأصليين!. .
كما بدا لافتا خروج رموز يهودية في المظاهرات البريطانية الغاضبة المنددة بالعدوان الصهيوني مع أصوات تدعو لطرد السفير الإسرائيلي بلندن، بل إن « الحاخام ليرنر» عبر في صحيفة «التايمز» عن استيائه البالغ من حجم العدوان الوحشي، مؤكداً «أن محاولة إسرائيل إزالة حماس مفهومة لكنها غبية.
مشيرا إلى أن الحل العسكري الإسرائيلي لن يحقق السلام مع الفلسطينيين». و الأكثر مدعاة للدهشة أن يشير الحاخام إلى «أن المقاومة الفلسطينية احترمت اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة التي أبرمتها مع إسرائيل ولم تخل بها إلا عندما استخدمتها إسرائيل لتغطية سياسات الحصار والاغتيال لقادة المقاومة».