سعد الحفاشي
الزائر لمدينة باجل الجميلة يكره اليوم بل اللحظة التي زار فيها هذه المدينة من أول ساعة زمنية بعد حلول المساء الخميسي حيث تكثر الأعراس لأنه لا يوجد ضوابط ولا نظم ولا موانع تلزم أصحاب تلك الأعراس بالامتناع عن إزعاج الآخرين بتلك الميكرفونات الكبيرة والمتفجرات النارية المخيفة جداً والتي يتوالى فجائع مفجراتها من الساعة الأولى لليل وحتى فجر اليوم التالي بلا خوف ولا خجل ولا حياء من الله أو من خلقه، فيظل الزائر حبيس غرفته في أيٍ من فنادقها طيلة الليل في حالة من الهلع يتمنى اليوم للحظات للتخلص من عناء السفر، ولكن إزعاج تلك الميكرفونات المدوية بأصواتها القوية والمزعجة جداً جداً والتي لا تهدأ ثانية واحدة عن بثها لأنواع الأغاني والأناشيد طيلة الليل وكذلك فجائع تلك المفرقعات والمتفجرات النارية المخيفة وأصوات الرصاص والتي يتوالى إطلاقها وتفجيرها في الخارج تصيبه بحالة من التلكؤ المعوي والهوس العقلي من شدة الضجر والضيق الذي يصاب به لحظاتها وهو يتغلب على فراشة متمنياً أن ينعم بلحظات من الهدوء ويتمكن فيها من إغماض عين ولو لدقائق معدودة حتى يصحو قادراً على الحركة، ولكن لا أخلاق ولا آداب ولا ضوابط ولا دولة تمنع كل ذلك الاستهتار والعبث بسكينة الناس وراحتهم، ففي هذه المدينة كما يبدو لا يوجد مدير مديرية ولا مجلس محلي ولا إدارة أمن ولا شيء مما يمكن أن يقال عنه أنه موجوداً ليتم الاتكال عليه في فرض هيبة النظام والقانون والحد من الاستهتار بالأمن العام وسكينة الآخرين كما هو الحال في كل المدن الأخرى.
فكل شيء هنا يؤكد أن انفلاتأً كاملاً أصيبت به هذه المدينة وبليت بدائه، فمن يفترض فيهم أن يفرضوا هيبة الأمن واحترام حقوق الآخرين غير موجودين لأنهم لو وجدوا لما سمحوا لتلك المهازل ولأجبروا أولئك المستهترين المزعجين باحترام الغير وعدم تجاوز حدود اللياقة والآداب، وعلموهم بالرضا أو بالغضب آداب التعامل والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها سكان المدن، لكن يبدو أن مديرية باجل كما قال أحد سائقي "الموترات" بلاها الله بمجموعة "ب. . . . " من الأشخاص والعسكر الذين أوصلتهم المقادير والوساطات العليا والمدعومة إلى مقاعد المسؤولية عن هذه المديرية المنكوبة بهم، وبالتالي لا يهم أن ينصلح حال الناس فيها أو أن يفسد ويسود لدى هؤلاء لأن همهم الأول والأخير كما يبدو "حق القات" و"حق بن هادي" ولعن الله من لا هم لهم إلا هذا الهم الحقير" ولا كثر الله في بلادنا من هؤلاء وأمثالهم. <