حسن بن حسينون
غزة تلك المساحة الجغرافية الصغيرة والتي يسكنها قرابة المليون ونصف من الفلسطينيين البواسل الذين يراهنون للعالم كله من خلال مقاومتهم الخارقة وتصديهم لأقوى دولة في المنطقة العربية التي تمتلك أقوى جيش وأضخم ترسانة من الأسلحة الحديثة والمتطورة براً وبحراً وجواً بما في ذلك الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ومدعومة من قبل أكبر وأعظم قوة في العالم وهي أميركا إضافة إلى الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا اللتين كان لهما الدور الأساسي في غرز تلك النبتة الخبيثة والورم السرطاني في قلب الوطن العربي عام 1947م الكيان الصهيوني الذي ظل ينتشر ويتوسع ليس على حساب المساحة الجغرافية لفلسطين وإنما على حساب أكثر من دولة عربية مصر، سوريا، الأردن، لبنان، من خلال جيشها الذي جعلوا منه إعلامياً الجيش الذي لا يقهر والذي هزم جيوش تلك البلدان ومن معها في أكثر من حرب وجولة عسكرية 48، 67، 1973م هزمها مجتمعة ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك، وقد تخلوا عن قضيتهم المركزية فلسطين وتركوا شعب فلسطين لوحده يقرر مصيره مع هذا الكيان الصهيوني الغاشم المدعوم من أميركا وحلفائها طيلة ستين عاماً من القتل والإبادة الجماعية والهجرة إلى الشتات في مختلف بلاد العالم وفي المخيمات المنتشرة في أكثر من بلد عربي وخاصة دول الجوار لفلسطين.
ورغم البطولات الخارقة التي سطرها المقاومون الفلسطينيون في جميع الجولات والمواجهات مع العدو الصهيوني منذ إقرار وعد بلفور 1917م وحتى اليوم والتي شارك فيها مع الأسف البعض من ذوي القربى إلا أن ما حدث في قطاع غزة في السابع والعشرين من شهر ديسمبر الماضي ولا زال يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنه قد مثل معجزة وأسطورة من الشجاعة والاستبسال وإرادة القتال وقوة الإيمان وبأنه بالفعل شعب الجبارين.
أسبوعان من المقاومة التي لا تقهر وقد صب العدو نار أسلحته الجوية بداية على المؤسسات التابعة لحركة حماس ثم دك وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها من شيوخ ونساء وأطفال وبشراسة مفرطة اعتقاداً من العدو أن حركة حماس سوف تستسلم إلا أنها صمدت، فانتقل العدو إلى استخدام سلاح الدبابات والبوارج الحربية لدك ما تبقى من مؤسسات إنسانية مستشفيات، مدارس، مساجد للعبادة، محلات تجارية وأماكن الإيواء التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتي يتواجد بداخلها أعداد كبيرة من الأبرياء المدنيين سقط منهم العشرات والمئات، وحوصرت غزة بكاملها وقطعت عن سكانها مقومات الحياة بالكامل، إن العدو الصهيوني كان يعتقد أيضاً بأنه سوف يحقق نصراً سريعاً وتستسلم المقاومة كعادتها مع الجيوش العربية، إلا أن المقاومة صمدت وبصمودها كبدت الكيان الصهيوني خسائر مادية وبشرية كبيرة، والذي سارع إلى البحث عبر الإدارة الأميركية إلى حل مقبول تكون إسرائيل هي المستفيدة أولاً وأخيراً من نبوده.
وصدر القرار الدولي على ضوء المبادرة المصرية والذي أعطى إسرائيل ما أرادت الفرار الذي ساوى الجاني بالضحية ودون أن يعطي للفلسطينيين شيئاً عدى الوعود الكاذبة إلا أن المقاومة ومن خلال تجاربها الخاصة مع الأعداء والمتخاذلين المتآمرين في النظام العربي الرسمي قد رفضت ذلك القرار الأميركي الصهيوني العربي لأن القبول به سيكون نهاية للقضية الفلسطينية وللمقاومة الفلسطينية ويؤدي إلى اتفاقات ومعاهدات استسلام على طريق كمب ديفيد ووادي عربه.
إنها لمعجزة وأسطورة سوف يسطر التاريخ بأحرف من نور ذلك المشهد الفظيع بوارج حربية على طول حدود غزة البحرية وفي الأجواء عشرات الطائرات ال أف 16 والمروحيات ومن البر وعلى طول الحدود دبابات الميركافا جميعها تدك غزة براً وبحراً وجواً في وقت واحد ولا زالت مستمرة وترد في الأعماق.